وقد ذكر بعض الناس تفاسير أُخَر لقوله عليهالسلام : «إنّه أسلم بحساب الجمل» ، حتّى قيل : إنّ المراد أنّ أبا طالب رضىاللهعنه علم نبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله قبل بعثته بالجفر ، والمراد حساب مفردات الحروف بحساب الجمل(١) ، وحيث لا دليل لأكثرها لم نذكرها .
وفي تفسير الوكيع عن سفيان الثوري بإسنادٍ له ، عن أبي ذرّ الغفاريّ أنّه قال : واللّه الذي لا إله إلاّ هو ما مات أبو طالب رضىاللهعنه حتّى أسلم بلسان الحبشة ، قال لرسول اللّه صلىاللهعليهوآله : أتفقه الحبشة؟ قال : «يا عمّ ، إنّ اللّه علّمني جميع الكلام» ، قال : يا محمّد ، اسدن لمصاما قاطا لاها» يعني : أشهد مخلصاً لا إله إلاّ اللّه ، فبكى رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، وقال : «إنّ اللّه أقرّ عيني بأبي طالب»(٢) .
ولا يخفى أيضاً عدم منافاة إظهاره بلسان الحبشة حيناً لبعض المصالح إظهاره بغير ذلك بعده أو قبله أيضاً ، حتّى أنّه ربّما يكون المراد بما ورد من أنّه آمن بكلّ لسان لأجل هذا ، ولعلّه كان إقراره بما مرّ سابقاً بهذا اللسان أيضاً للتقيّة ، ويكون المراد بأنّه آمن بكلّ لسان : أنّ مَنْ آمن باللّه حقيقةً من صميم قلبه ، فهو مؤمن بجميع اللغات وإن تكلّم بلغة واحدة.
وروى الكراجكي في كتاب كنز الفوائد ، وكذا روى السيّد الجليل أبو علي فخّار بن معد الموسوي في كتابه الذي ألّفه في إيمان أبي طالب بأسانيد عديدة ، عن أبي عبد اللّه الصادق ، عن آبائه ، عن عليّ عليهمالسلام أنّه
____________________
(١) بحار الأنوار ٣٥ : ٨٠ ، شرح الكافي للمازندراني ٧ : ١٨٣ .
(٢) بحار الأنوار ٣٥: ٧٨ ، مجمع البحرين ٥ : ٣٤٤ ، شرح الكافي للمازندراني ٧ : ١٨١ .
واختلفت المصادر في الجملة المنقولة عن أبي طالب : ففي شرح الكافي هكذا : «لمصافافاطالاها» ، وفي البحار : «لمصافا قاطالاها» ، وفي مجمع البحرين : «لمصافاطالاها» .