استوعب كلّ الأقوال والآراء في كتاب الطهارة خلال مجلّد واحد ، وقد عبّر المرحوم المؤلّف عن هذه الصفة بقوله : « بتعبير يشوّق الطالب ، ويقرّب بأوجز لفظ أقصى المطالب » وهذا وإن كان يزيد الكتاب روعة وأهميّة ، إلّا أنّه يضفي على علمنا فيه ألواناً من الصعوبة عند تحقيقه ، ففك رموزه وإشاراته لا يخلو من صعوبة وتداخل ، فمثلاً في رمز « مع » يرد احتمال أن يكون المراد : المعتبر أو الجامع للشرائع ، أو جامع المقاصد ، أو اللوامع ، وهكذا غيرها من الرموز والجمل المتداخلة بسبب شدّة الاختصار ، فبناء على ذلك رفضت المؤسّسة ابتداءً القيام بهذه المهمّة خصوصاً وأنّ الفترة الزمنيّة المقترحة للتحقيق لا تتناسب أبداً مع ما يتطلبه الكتاب من جهد ووقت.
إلّا أنّ ضغوطاً اخرى كانت تدفع المؤسّسة بالاتّجاه الآخر ، أهمّها المكانة العلميّة الرائقة ، والفضل المعلوم ، والمنزلة السامية للمرحوم النراقي ، خصوصاً وأنّه من تلامذة أستاذ الكل المجدّد الوحيد البهبهاني رحمهالله ، فكان القرار النهائي أن تتبنى المؤسّسة هذا العمل متوكّلة على الباري القدير أن يسدّد خطاها في إنجازه.
فشمّر المحقّقون عن ساعد الجدّ والاجتهاد لجمع وتحقيق ودراسة الأقوال والآراء المذكورة في الكتاب ، بعد فكّ الرموز وتقطيع النص ، وتصحيح ما ورد فيه من أخطاء لا تتحمّل الصحّة كتأنيث المذكّرات وتذكير المؤنّثات وغيرها ، مع المحاولة والتأكيد على المحافظة على النص الموجود مهما أمكن ذلك ، وكان ذلك ليس بالأمر الهيّن ؛ فإن هذا الكتاب وإن بدا أنّه ملخّص لكتاب الطهارة ، إلّا أنّه في الواقع سفر مفصّل يعرض أقوال المتقدّمين وآراء المتأخّرين ، ويشير إلى أدلّتهم