تؤثره على أولادها ، وكان يقول لها : «الأُمّ» ، وكان أبو طالب يحميه بنفسه وماله وجاهه في صغره من اليهود المرصدة له بالعداوة ، ومن غيرهم من بني أعمامه ومن العرب قاطبةً(١) .
وفي كتاب غاية السؤول في مناقب آل الرسول من إبراهيم بن عليّ الحنبليّ بأسانيد عديدة عن الجزري ، عن طاووس ، عن ابن عبّاس أنّه قال ما خلاصته : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال للعبّاس : «إنّ اللّه قد أمرني بإظهار أمري ، فما عندك؟» ، فقال له العبّاس : يابن أخي ، تعلم أنّ قريشاً أشدّ الناس حسداً لولد أبيك ، وإن كانت هذه الخصلة كانت الطامّة الطمّاء والداهية العظمى ، ورمينا عن قوس واحد ، ولكن قرّب إلى عمّك أبي طالب ، فإنّه أكبر أعمامك إن لا ينصرك لا يخذلك ولا يسلّمك ، فأتياه ، فلمّا رآهما أبو طالب قال : ما جاء بكما في هذا الوقت؟ فأخبره العبّاس بالحال ، فنظر إليه أبو طالب رضىاللهعنه وقال : اخرج يابن أخي ، فإنّك الرفيع كعباً ، والمنيع حزباً ، والأعلى أباً ، واللّه لا يسلقك لسان إلاّ سلقته ألسن حداد وجذبته سيوف حداد ، واللّه لتذلّنّ لك العرب ، ولقد كان أبي يقرأ الكتب جميعاً ، ولقد قال : إنّ من صلبي لنبيّاً لوددت(٢) أنّي أدركت ذلك الزمان فآمنت به ، فمن أدركه من ولدي فليؤمن به(٣) ، الخبر .
وروى الطبري والبلاذري والثعلبي والواحدي والواقدي وغيرهم بأسانيدهم عن جماعة ها نحن نذكر عنهم أو عن بعضهم خلاصة ما نحتاج إلى نقله احترازاً عن التطويل والخروج عن المقصود ، فممّا نقلوا : أنّه لمّا
____________________
(١) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ١ : ٦٢ و٦٣ و٦٤ ، الدرّ النظيم : ٢١١ بتفاوت فيهما .
(٢) في النسخ : لو دريت ، وما أثبتناه من المصدر .
(٣) نقله عنه ابن طاووس في الطرائف ١ : ٤٢٠ / ٣٨٨ ، والشيرازي في الأربعين : ٤٩٠ .