أيضاً فقمنا لاستقباله كفعلنا فيما مضى ، فلمّا جلس ونظر يميناً وشمالاً قال : «كان عليّ بن الحسين عليهالسلام يقول في سجوده في هذا الموضع» ـ وأشار بيده إلى الحِجر نحو الميزاب ـ وذكر الدعاء .
ثمّ نظر يميناً وشمالاً ونظر إلى محمّد بن القاسم العلويّ ، فقال : «يا محمّد بن القاسم ، أنت على خير إن شاء اللّه» ، وقام فدخل في الطواف فما بقي أحدٌ منّا إلاّ وقد تعلّم ما ذكر من الدعاء ، وأُنسينا أن نتذاكر أمره إلاّ في آخر يوم .
فقال المحموديّ : يا قوم ، أتعرفون هذا؟
قلنا : لا ، قال : هذا واللّه ، صاحب الزمان ، فقلنا : وكيف ذلك يا أبا عليّ؟ فذكر أنّه مكث يدعو اللّه ويسأله أن يريه صاحب الأمر سبع سنين .
قال : فبينا أنا في عرفات عشيّة عرفة فإذا أنا بهذا الرجل بعينه ، فدعا بدعاء ، فلمّا فرغ قلت له : مَنْ أنت؟
قال : «من الناس» ، فقلت : من أيّ الناس؟
فقال : «من عربها» ، فقلت : من أيّ عربها؟
قال : «من أشرفها وأسمحها» ، فقلت : مَنْ هم؟
قال : «بنو هاشم» ، فقلت : من أيّ بني هاشم؟
فقال : «من أعلاها ذروةً ، وأسناها رفعةً» ، فقلت : ممّن؟ .
فقال : «ممّن فلق الهام ، وأطعم الطعام ، وصلّى بالليل والناس نيام» ، فقلت : إنّه علويّ فأحببته على العلويّة ثمّ افتقدته من بين يدي ، فلم أدر كيف مضى أفي السماء ، أم في الأرض؟ فسألت الذين كانوا حوله أتعرفون هذا العلويّ؟ فقالوا : يحجّ معنا كلَّ سنة ماشياً ، فقلت : سبحان اللّه ، ما أرى عليه أثَر مشيٍ ، ثمّ انصرفتُ إلى المزدلفة كئيباً حزيناً على فراقه ونمت في