لأصالة البراءة ، ولقوله تعالىٰ : ( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ ) (١) أراد : بالمرض ؛ لأنّه يقال : أحصره المرض وحصره العدوّ (٢) . وبه قال مالك ؛ لأنّه تحلّل اُبيح له من غير تفريط فأشبه مَنْ أتمّ حجّه (٣) .
والفرق : أنّ مَنْ أتمّ حجّه لم يبق عليه شيء من النسك ، فتحلّله لأداء مناسكه ، بخلاف المصدود الذي لم يتم نسكه .
وأمّا النيّة : فلأنّه خروج من إحرام ، فيفتقر إليها ، كالداخل فيه . ولأنّ الذبح إنّما يختصّ بالتحلّل بالنيّة . ولأنّه عمل فيفتقر إلىٰ النيّة ، وبه قال الشافعي (٤) .
ولو نوىٰ التحلّل قبل الهدي ، لم يتحلّل ، وكان علىٰ إحرامه حتىٰ ينحر الهدي ؛ لأنّه اُقيم مقام أفعال الحجّ ، فلا يحلّ له ، كما لا يتحلّل القادر علىٰ أفعال الحجّ قبل فعلها ، ولا فدية عليه في نيّة التحلّل ، لعدم تأثيرها في العبادة ، فإن فَعَل شيئاً من محظورات الإحرام قبل الهدي ، فعليه الفداء ؛ لأنّه مُحْرم فَعَلَ محظوراً في إحرام صحيح ، فكان عليه فديته ، كالقادر .
مسألة ٧٠١ : لا بدل لهدي التحلّل ، فلو عجز عنه وعن ثمنه ، لم ينتقل إلىٰ غيره ، ويبقىٰ علىٰ إحرامه ، ولو تحلّل لم يحلّ ـ وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي في أحد القولين (٥) ـ لقوله تعالىٰ : ( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا
__________________
(١) البقرة : ١٩٦ .
(٢) السرائر : ١٥١ .
(٣) بداية المجتهد ١ : ٣٥٥ و ٣٥٧ ، تفسير القرطبي ٢ : ٣٧٣ ، المغني ٣ : ٣٧٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٥٠ .
(٤) فتح العزيز ٨ : ١٦ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٤١ ، المجموع ٨ : ٣٠٤ .
(٥) تفسير القرطبي ٢ : ٣٧٣ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨٠ ، المغني ٣ : ٣٧٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٣٤ ، فتح العزيز ٨ : ٨٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٥٤ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٤١ ، المجموع ٨ : ٣٠٣ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٥٦ ـ ٣٥٧ .