ولو فاته الوقوف بعرفة نهاراً وجاء بعد غروب الشمس ووقف بها ، صحّ حجّه ، ولا شيء عليه إجماعاً ؛ لقول النبي صلىاللهعليهوآله : ( مَنْ أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحجّ ) (١) .
ويجوز له أن يدفع من عرفات أيّ وقت شاء ، ولا دم عليه إجماعاً .
لا يقال : إنّه وقف أحد الزمانين ، فوجب الدم ، كما قلتم إذا وقف نهاراً وأفاض قبل الليل .
لأنّا نقول : الفرق : أنّ مَنْ أدرك النهار أمكنه الوقوف إلىٰ الليل والجمع بين الليل والنهار ، فتعيّن ذلك عليه ، فإذا تركه ، لزمه الدم ، ومَنْ أتاها ليلاً لا يمكنه الوقوف نهاراً ، فلم يتعيّن عليه ، فلا يجب الدم بتركه .
مسألة ٥٤٠ : لو غمّ الهلال ليلة الثلاثين من ذي القعدة ، فوقف الناس تاسع ذي الحجة ، ثم قامت البيّنة أنّه العاشر ، فالوجه : فوات الحجّ إذا لم يتّفق له الحضور بعرفة ولا المشعر قبل طلوع الشمس ؛ لقوله عليهالسلام : ( الحجّ عرفة ) (٢) ولم يدركها .
وقال الشافعي : يجزئهم ؛ لقول النبي صلىاللهعليهوآله : ( حجّكم يوم تحجّون ) .
ولأنّ ذلك لا يؤمن مثله في القضاء مع اشتماله علىٰ المشقّة العظيمة الحاصلة من السفر الطويل وإنفاق المال الكثير (٣) .
قال : ولو وقفوا يوم التروية ، لم يجزئهم ؛ لأنّه لا يقع فيه الخطأ ؛ لأنّ نسيان العدد لا يتصوّر من العدد الكثير ـ والعدد القليل يعذرون في ذلك ـ
__________________
(١) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٤٤٢ ، والشرح الكبير ٣ : ٤٤٤ .
(٢) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٠٣ / ٣٠١٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٣٧ / ٨٨٩ ، سنن النسائي ٥ : ٢٥٦ ، سنن البيهقي ٥ : ١٧٣ ، سنن الدارقطني ٢ : ٢٤٠ ـ ٢٤١ / ١٩ .
(٣) فتح العزيز ٧ : ٣٦٤ ـ ٣٦٥ ، المجموع ٨ : ٢٩٢ .