بعد ذلك من أدنىٰ الحرم . وكذا لو أفرد عن غيره أو تمتّع أو قرن ثم اعتمر من أدنىٰ الحِلّ ، كلّ هذا لا دم عليه ؛ لتركه الإحرام من الميقات بلا خلاف .
وأمّا إن أفرد عن غيره ثم اعتمر لنفسه من خارج الحرم دون الحِلّ ، قال الشافعي في القديم : عليه دم (١) .
وقال أصحابه : علىٰ هذا لو اعتمر عن غيره ثم حجّ عن نفسه فأحرم بالحجّ من جوف مكّة ، فعليه دم ؛ لتركه الإحرام من الميقات (٢) .
وعندنا أنّه لا دم عليه ؛ للأصل .
ولو اعتمر في أشهر الحجّ ولم يحج في ذلك العام بل حجَّ من العام المقبل مفرداً له عن العمرة ، لم يجب الدم ؛ لأنّه لا يكون متمتّعاً ، وهو قول عامّة العلماء ، إلّا قولاً شاذّاً عن الحسن البصري فيمن اعتمر في أشهر الحجّ فهو متمتّع حجَّ أو لم يحجّ (٣) .
وأهل العلم كافّة علىٰ خلافه ؛ لقوله تعالىٰ : ( فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ) (٤) وهو يقتضي الموالاة بينهما .
ولأنّ الإجماع واقع علىٰ أنّ من اعتمر في غير أشهر الحجّ ثم حجَّ من عامه ذلك ، فليس بمتمتّع ، فهذا أولىٰ ؛ لكثرة التباعد بينهما .
مسألة ٥٨٢ : قد بيّنّا أنّ المتمتّع بعد فراغه من العمرة لا ينبغي له أن يخرج من مكّة حتىٰ يأتي بالحجّ ؛ لأنّه صار مرتبطاً به ؛ لدخولها فيه ؛ لقوله عليهالسلام : ( دخلت العمرة في الحجّ هكذا ) وشبّك بين أصابعه (٥) .
__________________
(١ و ٢) حكاه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٢٨١ ، المسألة ٥٦ .
(٣) المغني ٣ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٤٧ .
(٤) البقرة : ١٩٦ .
(٥) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٨ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٤ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٤ / ٣٠٧٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٦ ـ ٤٧ .