وقال آخر :
أموالنا لذوي الميراث نجمعها |
|
ودورنا لخراب الدهر نبنيها |
ويقال في المثل :
رب ساع لقاعد ، آكل غير حامد
يوضح هذه الجملة ، أن الآية وردت مورد الذم ، ولا يستحق أحدنا الذم على أنه تعالى خلقه للمعاقبة ، فليس إلا أن تحمل على ما قلنا لتوافق دلالة العقل ، ولا يناقض قوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)) [الذاريات : ٥٦].
وأحد ما يولعون بإيراده في هذا الباب ، قولهم : لو وقع في العالم ما لا يريده الله تعالى ، أو لم يقع ما أراده ، لدل على عجزه وضعفه ، كما في الشاهد ، فإن الملك إذا أراد من جنده ورعيته أمرا من الأمور ثم لم يقع ، أو وقع ما لم يرده دل على عجزه وضعفه ، كذلك يجب مثله في الغائب.
والأصل في الجواب عن ذلك من طريق العلم ، هو أن نقول : ما يريده الله تعالى لا يخلو ، إما أن يكون من فعل نفسه ، أو من فعل غيره ، فإن كان من فعل نفسه ثم لم يقع دل ذلك على عجزه وضعفه ، لأن من حق القادر على الشيء إذا خلص داعيه إليه أن يقع لا محالة حتى إن لم يقع دل على أنه غير قادر عليه وإن كان ما يريده من فعل غيره ، فإما أن يريده على طريق الإكراه والحمل أو على طريق الاختيار فإن أراده على طريق الإكراه ثم لم يقع دل على عجزه عن السبب الذي يوصله إلى الحمل والإكراه ، فأما إذا أراده على طريق الاختيار من دون أن يعود نفعه أو ضرره إليه ثم لم يقع لم يدل على عجزه ونقصه ، لأن المرجع بالعجز زوال القدرة ، وليس يجب إذا لم يقع أمر من الأمور من الفاعل المختار أن يدل على عجزه.
وأما الجواب على ما ذكروه في الملك فقد دخل فيما تقدم ، لأنه إما أن يريد ما يريده منهم على سبيل الإكراه أو على سبيل الاختيار ، فإن أراده على سبيل الإكراه ثم لم يقع دل على عجزه ونقصه وأنه غير قادر على السبب الذي يلجئهم إلى ذلك الفعل ، فأما إذا أراده على طريق الاختيار ، كأن يريد منهم أن يعبدوا الله تعالى ويطيعوه ليسعدوا بذلك ويفوزوا بالثواب الجزيل ثم لا يقع ، لا يدل على عجزه وضعفه إذ لا يعود إليه نفع ولا ضرر.
يزيد ما ذكرناه وضوحا ، أن النبي صلىاللهعليهوسلم إذا أراد من أبي لهب الإيمان على طريق