المحدثة فيؤدي إلى حدوثه ، وكذلك إذا كان جسما تجوز عليه الحاجة ، وتجوز عليه الزيادة والنقصان ، وإذا جازت عليه الحاجة جاز أن يجور في حكمه ، ويكذب في خبره ، تعالى عن ذلك. فإذا كان إثبات الرؤية لله تعالى يؤدي إلى كل هذه المحالات ، فيجب أن ينفي عنه على ما نقوله.
اعلم أن من خالفنا في هذه المسألة لا يخلو حاله من أحد أمرين ، إما أن يحقق الرؤية فيقول : إن الله تعالى يرى مقابلا لنا أو حالا في المقابل أو في حكم المقابل ، أو لا يحقق فيقول : إنه تعالى يرى بلا كيف. فمن ذهب إلى المذهب الأول فإنه يكون كافرا لأنه جاهل بالله تعالى ، والجهل بالله كفر. والدليل على ذلك إجماع الأمة ، وإجماع الأمة حجة. ومن قال إنه تعالى يرى بلا كيف فلا يكفر ، لأن التكفير إنما يعرف شرعا ، ولا دلالة من جهة الشرع يدل على ذلك. والذي ألزمهم في الكتاب هو أنه تعالى لو جاز أن يرى لجاز أن يلمس ويشم ، خاصة على مذهبهم أن رؤية الله تعالى من أعظم الثواب ، فيجب أن يكون القديم تعالى مشتهى معشوقا ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، فهذه جملة الكلام في هذا الفصل.
فصل في نفي الثاني
والغرض به ، الكلام في أن الله تعالى واحد لا ثاني له يشاركه فيما يستحقه من الصفات نفيا وإثباتا على الحد الذي يستحقه.
وقبل الشروع في المسألة لا بد من أن نبين حقيقة الواحد.
اعلم أن الواحد قد يستعمل في الشيء ويراد به أن لا يتجزأ ولا يتبعض على مثل ما نقوله في الجزء المنفرد أنه جزء واحد ، وفي جزء من السواد والبياض أنه واحد. وقد يستعمل ويراد به أن يختص بصفة لا يشاركه فيها غيره ، كما يقال فلان واحد في زمانه. وغرضنا إذا وصفنا الله تعالى بأنه واحد إنما هو القسم الثاني لأن مقصودنا مدح الله تعالى بذلك ، ولا مدح في أن لا يتجزأ ولا يتبعض ، وإن كان كذلك ، لأن غيره يشاركه فيه.
إذا ثبت هذا فالمخالف في المسألة لا يخلو ، إما أن يقول : إن مع الله قديما ثانيا يشاركه في صفاته ، ولا قائل بهذا يقول ، وإن كان الإشكال في إبطاله كالإشكال في إبطال المذهب الثاني ، بل أكثر. أو يقول : إن مع الله تعالى قديما ثانيا يشاركه في بعض صفاته ، والقائل بهذا المذهب الديصانية ، والمانوية ، والمجوس. وسنفصل