أخبار مروية عن الرسول
ومما يتعلقون به ، أخبار مروية عن النبي صلىاللهعليهوآله ، وأكثرها يتضمن الجبر والتشبيه ، فيجب القطع على أنه صلىاللهعليهوسلم لم يقله وإن قال فإنه قاله حكاية عن قوم ، والراوي حذف الحكاية ونقل الخبر.
ومن جملتها وهو أشف ما يتعلقون به ، ما يروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر».
ولنا في الجواب ثلاثة طرق :
أحدها ، هو أن هذا الخبر يتضمن الجبر والتشبيه ، لأنا لا نرى القمر إلا مدورا عاليا منورا ، ومعلوم أنه لا يجوز أن يرى القديم تعالى على هذا الحد ، فيجب أن نقطع على أنه كذب على النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأنه لم يقله ، وإن قاله فإنه قاله حكاية عن قوم كما ذكرنا.
والطريقة الثانية ، هو أن هذا الخبر يروى عن قيس بن أبي حازم ، عن جرير بن عبد الله البجلي ، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله. وقيس هذا مطعون فيه من وجهين : أحدهما ، أنه كان يرى رأي الخوارج ، يروى أنه قال : منذ سمعت عليا على منبر الكوفة يقول : انفروا إلى بقية الأحزاب ـ يعني أهل النهروان ـ دخل بغضه قلبي ، ومن دخل بغض أمير المؤمنين قلبه ، فأقل أحواله أن لا يعتمد على قوله ولا يحتج بخبره. والثاني ، قيل إنه خولط في عقله آخر عمره ، والكتبة يكتبون عنه على عادتهم في حال عدم التمييز ، ولا ندري أن هذا الخبر رواه وهو صحيح العقل أو مختلط العقل ، ويحكى عنه أنه قال لبعض أصحابه : أعطني درهما اشتري به عصا ، أضرب بها الكلاب ، وهذا من أفعال المجانين. ويقال أيضا إنه كان محبوسا في بيت فكان يضرب على الباب فكلما اصطفق الباب ضحك ، فلا يمكن الاحتجاج بقوله لأن هذا دلالة الجنون عليه.
وأما الطريقة الثالثة ، هو أن يقال : إن صح هذا الخبر وسلم ، فأكبر ما فيه أن يكون خبرا من أخبار الآحاد ، وخبر الواحد مما لا يقتضي العلم ، ومسألتنا طريقها القطع والثبات ، وإذا صحت هذه الجملة بطل ما يتعلقون به. ثم إن هذا الخبر معارض بأخبار رويت ، منها ما روى أبو قلابة عن أبي ذر أنه قال : قلت للنبي : هل رأيت ربك ، فقال : نور هو ، أنى أراه أي ، أنور هو؟ كيف أراه؟ فحذف همزة الاستفهام جريا