ليس يجب إذا انكسرتا أو انكسرت إحداهما أن يقال : قد انكسرت حجة من حجج الله تعالى ، كذلك هاهنا. ثم إنا نقلب عليهم هذا في البر والتقوى ، فنقول : أليس أن الصلاة من البر والتقوى ، ثم ليس يجب فيمن ترك الصلاة أن يكون تاركا للبر والتقوى ، فهلا كان كذلك هاهنا؟
وأحد ما يتعلقون به ، قولهم : لو كانت الصلاة من الإيمان لوجب في من فسدت صلاته أن يكون قد فسد إيمانه ، ومعلوم خلاف ذلك. والجواب عن هذا مثل الجواب عما تقدم.
وأحد ما يذكرونه في هذا الباب ، قولهم : لو كان المرجح بالإيمان إلى الإيمان بالواجبات والاجتناب عن المقبحات ، لكان يجب إذا أتى القديم تعالى بهذه الأشياء التي تعدونها إيمانا أن يسمى مؤمنا ، وقد عرف خلاف ذلك.
قلنا : قد ذكرنا أن المؤمن اسم لمن يستحق المدح والثواب لإتيانه بالواجبات واجتنابه عن المقبحات ، والقديم تعالى ليس هو من هذا القبيل فلا يلزم.
قالوا : لو كان الإيمان هو أداء الواجبات وترك المحرمات ، لوجب أن لا يجوز من الواحد منا أن يقول أنا مؤمن على الإطلاق ، لأنه لا يعلم هل أدى ما يجب أم لا ، فكان يجب أن يقيد فيقول : أنا مؤمن إن شاء الله ، وذلك يوجب الشك ، والمرء لا بد أن يقطع على أنه ليس من الكفرة. وجوابنا ، أن هذا مجاب إليه فإنا نقول : لا يجوز أن يقول أحدنا لنفسه أنا مؤمن قطعا ، إذ لا يعلم ذلك من حاله ، فأما تقييده بإن شاء الله ، فليس يقتضي الشك ، لأن هذه اللفظة موضوعة في العرف لقطع الكلام عن النفاذ ، فهذه جملة ما يتعلقون به من جهة العقل.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) :
وأحد ما يتعلقون به من جهة السمع ، قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) قالوا فلو كان الإيمان منقولا من اللغة إلى الشرع على الحد الذي يدعونه ، لكان لا يثبت لهذا العطف معنى ، وليتنزل منزلة قوله : إن الذين آمنوا وآمنوا ، وعملوا الصالحات وعملوا الصالحات ، وذلك مما لا وجه له ، فليس إلا أن الإيمان مبقى على أصل الوضع.
وجوابنا ، أنا لم ندع أن كل لفظة اشتقت من الإيمان فإنها لا تستعمل إلا في