عليها ، فلو لم يكن الاسم والمسمى واحدا لكان لا يكون ذلك كذلك.
وجوابنا أن هذه جهالة منكم مفرطة ، لأن الاسم والمسمى لو كان واحدا لكان يجب إذا سمى أحدكم بعض النجاسات أن ينجس فمه ، وإذا سمى بعض الحلاوات أن يحلو فمه ، وإذا سمى شيئا من المحرقات أن يحترق فمه ، وليس الأمر كذلك ، فما كل من قال نارا أحرقت فمه وعلى هذا قال بعضهم :
لو كان من قال نارا أحرقت فمه |
|
لما تفوه باسم النار مخلوق |
وأيضا ، فكيف يتصور أن يكون الاسم والمسمى واحدا ، مع أن الاسم عرض والمسمى جسم.
وأما ما ذكره من الحلف ، فإن أحدنا إذا أراد أن يظهر ذلك من نفسه لم يمكنه إلا بالعبارة عنه ، فكيف يصح ما ذكرتموه؟ ولو كان الأمر على ما زعمتموه لكان يجب في الله تعالى أن يكون محدثا فإن الحلف لا شك في حدوثه.
وأما قولنا : بسم الله الرحمن الرحيم ، فإنا إنما نقرؤه لما لنا فيه من اللطف ، والله قد تعبدنا به.
وقول لبيد : إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ، مجاز ، ونحن لا ننكر استعمال المجازات.
وقولهم : ضرب زيد عمرا وطلقت زينب ، فإن ذلك إنما انصرف إلى المسمى لأن أحدنا أراد أن يصرفه إليه.
فإن قيل : إن كلامنا في الاسم ، وما ذكرتموه كلام في التسمية ، قلنا : لا فرق بين الاسم والتسمية ، ألا ترى أنه لا فرق بين أن يقول القائل : سمى فلان فلانا تسمية حسنة ، وبين أن يقول سماه اسما حسنا ، ولهذا لو أثبت بأحدهما ونفى بالآخر تناقض الكلام.
حكاية أبي الهذيل وبعض الحنابلة
وهاهنا حكاية جرت بين بعضهم مع شيخ من شيوخنا ، هذا موضعها. ويحكى أن بعض الحنابلة ناظر أبا الهذيل في هذه المسألة ، فأخذ لوحا وكتب عليه : الله ، قال : أفتنكر أن يكون هذا هو الله وتدفع المحسوس؟ فأخذ أبو الهذيل اللوح من يده وكتب بجنبه : الله آخر ، فقال للحنبيل أيهما الله إذن؟ فانقطع المدبر.