فصل في المستحق للعوض والمستحق عليه
وجملة ذلك هو أن المستحق للعوض لا يخلو ، إما أن يكون مكلفا أو غير المستحق للعوض مكلف.
فإن كان مكلفا فلا يخلو ، إما أن يكون من أهل الثواب أو من أهل العقاب.
فإن كان من أهل الثواب فلا يخلو ، إما أن يكون مستحقا على الله تعالى ، أو يكون مستحقا على غير الله تعالى. فإن استحقه على الله تعالى. فإنه تعالى يوصله إليه ويوفره عليه بتمامه وكماله مفرقا على الأوقات ، بحيث يقع الاعتداد به ، على ما مر.
وإن استحقه على غير الله تعالى ، فإنه تعالى يأخذ من ذلك الغير العوض مكلفا كان أو غير مكلف ، ويوفره عليه بحيث لا يكون لأحد منهما كلام.
وإن كان من أهل العقاب فلا يخلو ، إما أن يستحق العوض على الله تعالى أو على غيره ، فإن استحقه على الله تعالى فإنه يوفره الله تعالى عليه إما في دار الدنيا وإما في دار الآخرة ، قبل دخول النار أو بعدها ، بحيث لا يقع له الاعتداد به ولا يلحقه بذلك سرور ولا فرح ، خلاف ما قاله أبو علي من أن بالعقاب يسقط العوض وينحبط. وإن استحقه على غير الله تعالى ، فإنه تعالى يأخذ من المستحق عليه مكلفا كان أو غير مكلف ، ويوصله إليه على الوجه الذي ذكرناه.
هذا إذا كان الكلام في المكلف ، فأما إذا كان في غير المكلف فلا يخلو ، إما أن يستحق العوض على الله تعالى أو على غيره. فإن استحقه على الله تعالى يوفر عليه بكماله وتمامه ، وإذا انقطع عوضه نقله إلى صورة يلتذ أهل الجنة بالنظر إليها على ما مر ، وإن كان الأقرب أنه تعالى يديم الفضل عليه بعد ذلك ، فقد اتفقت الأمة على أن لا موت بعد الحشر.
هذا هو القول في المستحق للعوض.
المستحق عليه العوض
وأما المستحق عليه فلا يخلو ، إما أن يكون هو الله تعالى أو غيره ، فإن كان الله تعالى فإنه يوفر على المستحق ما يستحق من عنده ، وإن كان من غيره فإنه تعالى يأخذ منه العوض ويوفره على المستحق ، سالكا في ذلك طريقة الانتصاف ، فحال القديم تعالى في هذا الباب كحال ولي الأيتام ، فكما أنه إذا وقعت منه جناية قابلها بالأرش ،