الحسن [و] المباح.
ثم إن الحسن ينقسم قسمين : فإما أن تكون له صفة زائدة على حسنه ، وأما أن لا يكون كذلك. فالأول هو الذي يستحق عليه المدح ، والثاني هو الذي لا يستحق بفعله المدح ويسمى مباحا ، وحدّه : ما عرف فاعله حسنه أو دل عليه ، ولهذا لا توصف أفعال القديم تعالى بالمباح ، وإن وجد فيها ما صورته صورة المباح كالعقاب.
وأما ما يستحق عليه المدح فعلى قسمين : إما أن يستحق بفعله المدح ولا يستحق الذم بأن لا يفعل ، وذلك كالنوافل وغيرها ، وإما أن يستحق المدح بفعله والذم بأن لا يفعل ، وذلك كالواجبات. وقد تقدم حدود هذه الألفاظ.
الواجبات :
ثم إن الواجبات تنقسم : ففيها ماله بدل وهو الواجب المخير ، وفيها ما لا بدل له وهو الواجب المضيق. وقد تقدم ذلك في صدر الكتاب.
وتنقسم قسمة أخرى : إلى ما يتعدى ، وذلك نحو رد الوديعة وشكر النعمة من العقليات ، ومن الشرعيات كالزكاة وما شاكل ذلك ، وإلى ما لا يتعدى ، وذلك نحو النظر والمعرفة من العقليات ، ومن الشرعيات كالصلاة والصيام وغيرهما.
وتنقسم قسمة أخرى إلى ، عقلي ، وشرعي. فالعقلي هو ما أستفيد وجوبه بالشرع ، وذلك نحو الصلاة والصيام والحج وما جرى هذا المجرى.
وتنقسم الواجبات إلى : ما له سبب موجب ، وإلى ما ليس كذلك. وهذه القسمة تتأتى في العقليات والشرعيات جميعا.
فمثال الأول من العقليات فهو : كحفظ الوديعة ، فإن لها سببا موجبا وهو التكفل به ، وقضاء الدين ، فإن الاستقراض سبب وجوبه ، وشكر المنعم فإن لوجوبه سببا وهو النعمة. ومن الشرعيات ، كالكفارات ، فإن لها سببا موجبا وهو اليمين أو الحنث على اختلاف في ذلك بين الفقهاء ، وهذا في كفارة اليمين ، وأما في كفارة الظهار فسببها الظهار ، وفي كفارة القتل سببها القتل.
ومثال الثاني من العقليات : الإنصاف ، فإنه لا سبب له موجب ، ومثاله من الشرعيات الصلاة والصيام.
ثم ينقسم ما له سبب من الواجبات إلى : ما يكون سبب وجوبه من جهتنا ، وإلى