الزراع ، فلو لا أن هؤلاء القوم استعموا واستصموا وإلا لما احتاجوا إلى إضافة هذه الحوادث إلى النفس والعقل والكواكب والعلة ، فقد تم الكلام في جواب شبههم هذه.
فصل فيما يلزم المكلف معرفته من أصول الدين
اعلم أن ما يلزم المكلف معرفته من أصول الدين أصلان اثنان على ما ذكره رحمهالله في «المغني» وهما : التوحيد ، والعدل. وذكر في «مختصر الحسنى» أن أصول الدين أربعة : التوحيد ، والعدل ، والنبوات ، والشرائع ، وجعل ما عدا ذلك من الوعد والوعيد والأسماء والأحكام ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، داخلا في الشرائع. وذكر في الكتاب أن ذلك خمسة : التوحيد ، والعدل ، والوعد ، والوعيد ، والمنزلة بين المنزلتين ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لظهور الخلاف بين الناس في كل واحد من هذه الأصول. والأولى ما ذكره في «المغني» أن النبوات والشرائع داخلان في العدل ، لأنه كلام في أنه تعالى إذا علم أن صلاحنا في بعثة الرسل ، وأن نتعبد بالشريعة ، وجب أن يبعث ونتعبد ، ومن العدل أن لا يخل بما هو واجب عليه. وكذلك الوعد والوعيد داخل في العدل ، لأنه كلام في أنه تعالى إذا وعد المطيعين بالثواب ، وتوعد العصاة بالعقاب ، فلا بد من أن يفعل ولا يخلف في وعده ولا في وعيده ، ومن العدل أن لا يخلف ولا يكذب ، وكذلك المنزلة بين المنزلتين داخل في باب العدل ، لأنه كلام في أن الله تعالى إذا علم أن صلاحنا في أن يتعبدنا بإجراء أسماء وأحكام على المكلفين وجب أن يتعبدنا به ، ومن العدل أن لا يخل بالواجب. وكذا الكلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فالأولى أن يقتصر على ما أورده في «المغني».
كيف تلزم هذه الأصول جميع المكلفين
ثم سأل رحمهالله نفسه فقال : كيف قلتم إن المكلف يلزمه معرفة هذه الأصول ، وقد قلتم : إن من لا يسلك طريقة العلماء ليس يلزمه معرفة هذه الأصول أجمع ، وإنما يلزمه أن يعرف التوحيد والعدل؟ وأجاب : بأنه يلزمه معرفة التوحيد والعدل ، لأنه يخاف من تركه ضررا ، ولأنه لطف له في أداء الواجبات واجتناب المقبحات. ويلزمه معرفة الأصول الأخر أيضا ، لأنه علم بكمال التوحيد ، والعدل موقوف على ذلك. ألا ترى أن من جوز على الله تعالى في وعده ووعيده الخلف والاخلال بما يجب عليه من إزاحة علة المكلفين وغيره ، فإنه لا يتكامل له العلم بالعدل ، ولا فرق في ذلك بين من