أولى من التوليد في غيرها ، وذلك يقتضي أن تولده في سائر الجهات ، ومعلوم خلافه.
فإن قيل : قد علما أن من ضرب الطست فإن الصوت الذي يتولد فيه يقف على الحركة ويوجد بحسبها ، فلما ذا وقف طنين الطست على الحركة يثبت بثباتها وينقطع بانقطاعها إن لم يحتج إليها ولم يتولد عنها؟ قلنا : إنه إنما يتولد عن الاعتماد بشرط المصاكة ، وهي عبارة عن تأليف مخصوص واقع عقيب حركات متوالية أو حركات يقل السكون بينها على ما ذكرنا ، فلفقد الشرط ينبغي توليد الاعتماد ، لا لأن الحركة هي المولدة.
فإن قيل : كيف يكون القديم تعالى متكلما بكلام يوجد في غيره ، قلنا : كما يكون منعما بنعمة توجد في غيره ، ورازقا برزق يوجد في غيره ، وهذا لأن المتكلم هو فاعل الكلام ، وليس من شرط الفاعل أن عليه فعله لا محالة. ولصحة هذه الطريقة التي سلكناها في هذه المسائل من أن الكلام حكمه مقصور على محله فلا يحتاج إلا إلى مجرد المحل ، منعنا مما يوجبه شيخنا أبو علي بن خلاد ، وهو أن لا يوجد الكلام إلا في الهواء ، وقلنا : إن الهواء وغير الهواء سواء في صحة وجود الكلام فيه.
وعلى الجملة ، فإن أحدنا إذا كان لا يمكنه أن يتكلم إلا بالفم واللسان ، وإلا إذا كان متمكنا من النفس ، وإلا بسبب هو الاعتماد بشرط الصكة ، فلأنه لما كان قادرا بقدرة لم يستغن عن مثل هذه الآلات لما بين في الكتب ، لا لأن الكلام في نفسه يفتقر إلى شيء من هذه الأشياء نحو التنبه والحركة والهواء ، فهذه جملة ما يحتمله هذا الوضع.
شبه المخالفين في قدم القرآن
وللمخالف في قدم القرآن شبه ، من جملتها :
قولهم : قد ثبت أن القرآن مشتمل على أسماء الله تعالى ، والاسم والمسمى واحد ، فيجب في القرآن أن يكون قديما مثل الله تعالى. قالوا : والذي يدل على أن الاسم والمسمى واحد ، هو أن أحدنا عند الحلف يقول : تالله وو الله ، وهكذا يقول باسم الله ، ولا يكون كذلك إلا والأمر على ما قلناه. وكذلك فقد قال لبيد :
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما |
|
ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر |
أي السلام عليكما. وهكذا فإن أحدنا إذا قال : طلقت زينب ، كان الطلاق واقعا