قول الفرزدق :
وأجسم ما عاد جسوم رجالهم |
|
وأكثر إن عدوا عديدا من الترب |
وقال آخر :
لقد علم الحي من عامر |
|
بأن لنا ذروة الأجسم |
وأنا المصاليت يوم الوغى |
|
إذ ما العواوير لم تقدم |
وقال يعقوب في إصلاح المنطق : تجسمت الأمر إذا ركبت أجسمه.
ولفظة أفعل إنما تستعمل في شيئين اشتركا في صفة من الصفات وكان لأحدهما مزية على الآخر ، ولهذا يقال العسل أحلى من الدبس لما اشتركا في الحلاوة وكان أحدهما أشد حلاوة من الآخر ، ولا يقال العسل أحلى من الخل لما لم يشتركا في الحلاوة أصلا. فلو لا أن الجسم عندهم هو الطويل العريض العميق وإلا لما استعملوا فيه لفظة أفعل عند الزيادة فيه.
الخلاف في هذه المسألة :
ثم إن الخلاف في هذه المسألة لا يخلو ، إما أن يكون عن طريق المعنى كأن يقول.
١ ـ عن طريق المعنى
إن الله تعالى جسم على معنى أنه طويل عريض عميق ، وأنه يجوز عليه ما يجوز على الأجسام من الصعود والنزول والهبوط والحركة والسكون والانتقال من مكان إلى مكان.
٢ ـ أو طريق العبارة
وإما أن يكون عن طريق العبارة ، يجوز أن يقول : إن الله تعالى جسم ليس بطويل ولا عريض ولا عميق ، ولا يجوز عليه ما يجوز على الأجسام من الصعود والهبوط والحركة والسكون والانتقال من مكان إلى مكان ، ولكن أسميه جسما لأنه قائم بنفسه.
فإن كان خلافه من هذا الوجه ، فالكلام عليه ما ذكرناه من أن الجسم إنما يكون طويلا عريضا عميقا فلا يوصف به القديم تعالى.