والمعلوم خلافه.
والجواب عنه ، أن الواحد منا إنما يسمى ألما وملتذا لأنه يدرك الألم مع النفرة واللذة مع الشهوة ، والشهوة والنفرة مستحيلتان على الله تعالى ، ففارق أحدهم الآخر.
فصل والغرض به الكلام في كونه تعالى موجودا
وقبل أن ندل عليه لا بد من أن نذكر حقيقة الموجود والمعدوم.
أما الموجود ، فعلى ما ذكره شيخنا أبو عبد الله البصري وشيوخنا البغداديون أنه الكائن الثابت ، وهذا لا يصح ، لأن قولنا موجود أظهر منه ، ومن حق الحد أن يكون أظهر من المحدود. وبعد ، فإن الكائن إنما هو الثابت ، والثابت إنما هو الكائن ، فيكون في الحد إذا تكرار مستغنى عنه. وبعد ، فإن الكائن إنما يستعمل في الجوهر الذي حصل في حيز فكيف يصح تحديد الموجود به.
وذكر قاضي القضاة في حد الموجود ، أنه المختص بصفة تظهر عندها الصفات والأحكام.
وهذا وإن كان كذلك إلا أن إيراده على طريقة التحديد لا يصح ، لأنه أشكل من قولنا موجود ، ومن حق الحد أن يكون أظهر منه ، فالأولى أن لا يحد الموجود بحد ، لأن كل ما يذكر في حده فقولنا موجود أكشف منه وأوضح.
فلو سئلنا عن حقيقة الموجود ، فالواجب أن نشير إلى هذه الموجودات.
وأما المعدومات ، فعلى ما قاله شيخنا أبو عبد الله البصري : أنه المنتفى الذي ليس بكائن لا ثابت.
وهذا لا يصح ، لأن المنتفى إنما يستعمل في المعدوم الذي وجد مرة ثم عدم أخرى ، فيخرج عن الحد كثير من المعدومات ، ومن حق الحد أن يكون جامعا مانعا لا يخرج منه ما هو منه ، ولا يدخل فيه ما ليس منه. وبعد فإن قول المنتفي ، هو قوله ليس بكائن ولا ثابت ، فيكون تكرارا لا فائدة فيه ، فالأولى أن يحد المعدوم بأنه المعلوم الذي ليس بموجود ، ولا يلزمنا على هذا أن يكون ثاني القديم عزوجل والفناء معدومين لأنهما ليس بمعلومين.
إذا ثبت هذا فاعلم أنا لا نحتاج إلى إقامة الدليل له على وجود هذه الموجودات ، لأنا نشاهدها ونعلم وجودها بالاضطرار ، وليس كذلك القديم تعالى فإنا