بالموجود ، لوجب أن تتعلق أيضا قدرة الله تعالى به ، فكان يجب صحة أن يوجد أحدنا وهو بالري في الحالة الثانية بالصين ، ومعلوم خلافه.
وأيضا ، فلو كانت قدرتنا تتعلق بالموجود لوجب مثله في قدرة الله تعالى ، وذلك يوجب قدم العالم أو أن يكون القديم قادرا بقدرة محدثة ، وأي ذلك كان فهو محال وهذا لأن قدرته إن ثبتت جلّ وعزّ قديمة في ما لم يزل وهي لا تتعلق إلا بالموجود ، وجب وجود العالم في ما لم يزل ، وفي ذلك قدمه. وإن لم تثبت قدرته في ما لم يزل ، وجب كونه قادرا بقدرة محدثة على ما ذكرناه.
فإن قيل : ولم قلتم : إن هذه القضية لو وجبت في قدرتنا لوجبت في قدرة الله تعالى؟ قيل له : لأن ما كان في حكم الصفة ، لا يختلف الحال فيه بحسب اختلاف الموصوفين بها : ألا ترى أن علمنا لما كان من حقه أن يتعلق بالشيء على ما هو به ، كان علم الله تعالى بهذه المنزلة.
فإن قال : إنما وجبت هذه القضية في الشاهد لأن صفتنا بالقدرة مستندة إلى معنى وليس كذلك سبيل القديم فإنه قادر لذاته ، قلنا : إن ما كان في حكم الصفة لا يختلف الحال فيه سواء استندت إلى علة أو لم تستند إلى علة ، فإذا كانت القدرة لا تتعلق إلا بالموجود ، فكذلك كونه قادرا إذا ثبت أن هذا من حكم الصفة في الشاهد ، وكذلك في الغائب.
صور ذكرها مشايخ القاضي :
وقد ذكر مشايخنا لهذه المشكلة صورا يظهر الكلام عندها ، فقالوا : من قدر على أن يطلق امرأته لا يخلو ؛ إما أن يكون قادرا على ذلك قبل وقوع الطلاق ، أو حال وقوع الطلاق. فإن قدر على ذلك قبل وقوع الطلاق فهو الذي نقوله ، وإن قدر عليه حال الوقوع فالطلاق واقع ولا يحتاج إلى القدرة.
وربما قالوا : من قدر على إلقاء العصا من يده فلا يخلو ؛ إما أن يقدر عليه قبل وقوع الإلقاء ، أو حالة الوقوع. فإن قدر قبل الإلقاء فهو الذي نقوله ، وإن قدر عليه حال الإلقاء فالعصا ملقاة فلا يحتاج إلى القدرة.
وربما قالوا : القادر على أن ينتقل من الشمس إلى الظل لا يخلو حاله من أحد أمرين : إما أن يقدر عليه قبل الانتقال أو حالة الانتقال. فإن قدر عليه قبل الانتقال فهو