ثم خرج عنه إلى الكفر ، ومنه التهود والتنصر والتمجس ، وتعداد ذلك وشرحه يطول.
وإن استحق عقابا دون ذلك سمي فاسقا.
ولما اقتضت هذه الجملة التي تقدمت أن يذكر حقيقة المدح والذم ، والتعظيم والتبجيل ، والاستخفاف والإهانة ، والثواب والعقاب ، والموالاة والمعاداة ، أخذ رحمهالله يتكلم عليها وأكثرها قد تقدم ، غير أنا نجمعها هاهنا ، فنقول :
المدح :
إن المدح هو كل قول ينبئ عن عظم حال الغير ، فهو إذن قول وقع على وجه دون وجه ، وكل وجه وقع على وجه دون وجه فلا بد أن يقصد كما في كون الكلام خبرا ، فإنه لما جاز أن يقع خبرا وجاز أن يقع ولا يكون خبرا ، لم يكن بد من قصد له ولمكانه صار خبرا.
ثم إن المدح على ضربين : أحدهما ، ضرب مدح يستحق بالطريق الذي يستحق به الثواب ، وذلك نحو المدح المستحق على أداء الواجبات واجتناب المقبحات ، والثاني ، مدح لا يستحق بهذه الطريقة وعلى هذا الوجه ، وذلك كالمدح على استواء الأعضاء وحسن الوجه والقد والقامة وغير ذلك.
الذم :
وأما الذم ، فهو قول ينبئ عن اتضاع حال الغير ، ويعتبر فيه القصد كما في المدح.
وهو أيضا على وجهين : أحدهما ، يستحق على الطريقة التي يستحق بها العقاب ، وذلك كالذم المستحق على الإخلال بالواجبات والإقدام على المقبحات ، والثاني ، لا يستحق على هذه الطريقة ، وذلك نحو الذم على دمامة الخلقة والشكل والعرج وما شاكل ذلك.
وأما التعظيم والاستخفاف فهما كالمدح والذم سواء ، غير أنهما إنما يستعملان في القول ، والفعل جميعا ، والمدح والذم لا يستعملان إلا في الأقوال.
وأما التعجيل ، فهو رفع منزلة الغير ، فهو إذن يخالف المدح والتعظيم ، ولهذا لا يقال : فلان يبجل الله تعالى كما يقال يعظمه ويمدحه ، لما كان المرجع به إلى رفع