الفاعل الواحد يستحيل أن يكون فاعلا للحسن والقبيح ، فأثبتوا لذلك فاعلين : يفعل أحدهما الحسن بطبعه ، والآخر القبيح بطبعه.
الدلالة على فساد مذهبهم دلالة التمانع
ودلالة التمانع ، كما تدل على فساد القول بأن مع الله تعالى ثانيا يشاركه في جميع صفاته ، تدل على فساد مذهب هؤلاء أيضا.
النور والظلمة جسمان محدثان
وأحد ما يدل على فساد مذهبهم أيضا ، هو أن النور جسم رقيق مضيء ، والظلمة جسم رقيق غير مضيء ، والأجسام لا تخلو عن الحوادث ولا تنفك عنها ، وما لم ينفك عن الحوادث وجب حدوثه مثلها ، فكيف يجوز أن يكونا قديمين.
لو كانا قديمين لوجب الاستغناء
وأحد ما يدل على ذلك ، هو أنهما إذا كانا قديمين وكان أحدهما قادرا لذاته ، ومن يكون كذلك إلا واخير والشر مقدوران لكل واحد منهما ، وهذا يوجب أن يقع الاستغناء بأحدهما عن الآخر.
يبطل حسن الأمر والنهي
وأحد ما يدل على ذلك ، هو أنه لو كان الأمر على ما قالوه لوجب أن يبطل حسن الأمر والنهي والمدح والذم لأن الأمر لا يخلو ، إما أن يكون أمرا بالخير ، أو أمرا بالشر. فإن كان أمرا بالخير فلا يخلو إما أن يكون أمرا للنور أو للظلمة لا يجوز أن يكون أمرا للظلمة لأنها غير قادرة عليه ، ولا يجوز أن يكون أمرا للنور لأنه لا يمكنه الانفكاك عنه ، والأمر بما هذا حاله ، بمنزلة إمرة المرمى به من شاهق بالنزول ، فكما أن ذلك قبيح لما لم يمكنه الانفكاك من ذلك ، كذلك هاهنا ، وإن كان أمرا بالشر فلا يخلو ، إما أن يكون أمرا للنور أو للظلمة ، والكلام فيه كالكلام في الأول.
وهذه القسمة تعود في النهي وفي المدح وفي الذم ، فهذا هو الكلام على المانوية من الثنوية.