الجمع بينهما ، هو لأن سكون النفي في أحدهما ، كسكون النفي في الآخر ، فهذه جملة الكلام في ذلك.
شبه المخالفين وللمخالف في هذا الباب شبه :
من جملتها ، قولهم : إن الكفار أذنبوا فلهذا يحسن تعذيب أطفالهم.
قلنا : إن تعذيب الغير من غير ذنب ظلم ، والله يتعالى عن أن يفعل الظلم وقد نوه نفسه عن ذلك بقوله : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [الأنعام : ١٦٤] وقال : (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) [الكهف : ٤٩].
وبعد ، فلو كان الأمر كما ذكرتموه لكان يجب أن يعذبوا في الدنيا بذنوب آبائهم ، وقد علم خلافه.
وربما يوردون هذا الكلام على وجه آخر فيقولون : إن الولد كالجزء من الوالد ، فلذلك يحسن تعذيبه بذنب والده. قيل له : إن هذا خلف من الكلام وخطل من القول ، إذ لا شبهة في كونهما حيين متغايرين ، ولا يألم أحدهما بألم الآخر ولا يلتذ هو به ، ولو أمكن هذا في دار الآخرة لأمكن مثله في دار الدنيا ، فكان يجب أن يجلد الولد بتصرف والده ، وأن تقطع يده بسرقته ، ومعلوم خلافه.
ومما يتعلقون به ، قولهم : إن تعذيب أولاد الكفرة كتعذيب آبائهم ، لأن الكافر إذا رأى قرة عينه يعذب بين أطباق النيران كان أشد عليه من أن يعذب نفسه ، فيحسن تعذيبهم لهذا الوجه. وجوابنا : أنه وإن كان على ما ذكرته إلا أنه لا يخرج من أن يتضمن تعذيب من لا ذنب له ، وتعذيب من لا ذنب له قبيح ، والله تعالى لا يفعل القبيح على ما مر.
وبعد ، فلو جاز ذلك في الآخرة للعلة التي ذكرتموها لجاز في دار الدنيا مثله ، فكان يجب إذا زنا أبوه أن يرجم هو ، وإذا سرق أن تقطع يده ، وإذا قذف أن يجلد ، وقد عرف خلاف ذلك.
وأحد ما يقولونه ، أنه تعالى إذا علم من حالتهم أنهم إذا بلغوا كفروا ويحسن تعذيبهم. وجوابنا : أن هذا ثابت في أطفال المسلمين فيجب أن يحسن تعذيبهم ، ومعلوم خلافه.
وبعد ، فإذا جوزتم أن الله تعالى يعذب أطفال المشركين لأنه علم من حالتهم