وأما المسألة ، فمما يجب اعتقاده أيضا ، فقد قال تعالى : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢)) وقال : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) وقال : (لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ) [الأحزاب : ٨] إلى غير ذلك.
والفائدة في ذلك كالفائدة في نظائره ، مما تقدم.
وأما نشر الصحف ، فقد نطق به القرآن قال الله تعالى : (وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (١٠)) [التكوير : ١٠].
نطق الجوارح :
وأما نطق الجوارح فقد دل عليه قوله تعالى : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤)) [النور : ٧٤] وقوله : (أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) [فصلت : ٢٢] وذلك يكون على وجهين : إما أن يتولى الله تعالى خلق الكلام في جوارحه فتشهد عليه ، وإما أن يجعل كل عضو من أعضائه حيا بانفراده فيشهد عليه ، وإن كان شيخنا أبو هاشم قد استبعد هذا الوجه ومال إلى الوجه الأول ، وقال : إن الذي تقتضيه هذه الآية ليس إلا شهادة جوارحه عليه ، ولو صار كل عضو من أعضائه حيا بانفراده لم يكن سمعه ولا بصره ، اللهم إلا أن يقال أراد بقوله يشهد عليهم سمعهم ، أي ما كان سمعا لهم من قبل ، وذلك على الأحوال كلها عدول عن ظاهر كلام الله تعالى ، فلا وجه له مع إمكان أن يجري على ظاهره.
الصراط :
ومن جملة ما يجب الإقرار به واعتقاده ، الصراط ، وهو طريق بين الجنة والنار يتسع على أهل الجنة ويضيق على أهل النار إذا راموا المرور عليه ، وقد دل عليه القرآن ، قال الله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)). فلسنا نقول في الصراط ما يقوله الحشوية ، من أن ذلك أدق من الشعر وأحد من السيف ، وأن المكلفين يكلفون اجتيازه والمرور به ، فمن اجتازه فهو من أهل الجنة ، ومن لم يمكنه ذلك فهو من أهل النار ، فإن تلك الدار ليست هي بدار تكليف ، حتى يصح إيلام المؤمن وتكليفه المرور على ما هذا سبيله في الدقة والحدة ، وأيضا فقد ذكرنا أن الصراط هو الطريق ، وما وصفوه ليس من الطريق بسبيل ، ففسد كلامهم فيه.
وقد حكي في الكتاب عن كثير من مشايخنا أن الصراط إنما هو الأدلة الدالة على