وإن كان صدقا في نفسه. هذا هو القسم الأول.
أقسام القبيح :
وأما القسم الثاني فهو من أقسام القبيح.
وجملة القول في ذلك ، أن أقسام القبيح تنقسم إلى : ما يكون صغيرا ، وإلى ما يكون كبيرا. وما يكون كبيرا ينقسم إلى : ما يكون كفرا ، وإلى ما لا يكون كفرا. والكلام في حقيقة هذه الألفاظ وحدودها يعود في باب الوعيد إن شاء الله تعالى.
ثم إن القبائح تنقسم إلى : ما يتغير حاله بالإكراه ، وإلى ما لا يتغير حاله بالإكراه.
فالأول : هو كل ما يتعدى عنه إلى غيره ، وذلك كإظهار كلمة الكفر ، فإن ذلك قبيح ولا إكراه. ثم إذا أكره عليه يجوز له أن يقول ذلك ، لا على الاعتقاد له والتدين به ، بل على أنكم كلفتموني إظهاره والقول به أو على أن النصارى يقولونه.
والثاني : من هذين القسمين ، هو ما يتعدى ضرره إلى الغير ، وذلك نحو قتل الغير وما شاكل ذلك ، فإنما هذا سبيله لا يتغير بالإكراه ، بل يلزم المكره أن يضع مع نفسه أن عقاب الله تعالى أعظم من عقاب هذا المكره ، فلو أقدمت على ما يكرهني عليه استحققت عقوبة أشد من هذا.
وتنقسم القبائح أيضا إلى : ما لا يمكنه الانفكاك عنه إلا بأن لا يفعله ، وإلى ما يمكنه الانفكاك عنه بأن يفعله على وجه آخر مخالف له. فالأول كالجهل ، فإن الانفكاك منه لا يمكن إلا بأن لا يفعله ، والثاني كالخبر الكذب ، فإنه يمكنه الانفكاك عنه بأن يوقعه على وجه الصدق ، وكالسجدة ، فإنه يمكن الانفكاك منه بأن يوقعه سجدة للرحمن ولا يوقعه سجدة للشيطان.
بيان الطريق إلى إزالة العقوبة :
ثم إنه رحمهالله ، لما رأى أن من حكم القبيح استحقاق الذم والعقاب عليه وأنه لا بد من أن يكون للمكلف طريق إلى إزالة العقوبة عن نفسه ، بيّن الطريق إلى ذلك على ضرب من الإجمال فقال : إن الطريق إلى ذلك : إما التوبة أو كثرة الطاعات.
والتوبة ، هي أن يندم على ما فعله من القبيح لقبحه ، ويعزم على أن لا يعود إلى