المعنى الذي قلناه وأنه لا يجوز استعمالها في ما وضعت له في الأصل ، وإنما قلنا : إن قولنا مؤمن صار بالشرع اسما لمن يستحق المدح والتعظيم والثواب من جهة الله تعالى ، وإذا كان كذلك ، فلا مانع يمنع من أن تكون هذه اللفظة التي ذكرها في هذه الآيات مبقاة على أصل الوضع ، فلا يقدح في كلامنا ، وعلى أنه ليس ببعيد أن يكون الغرض بذكر ذلك وعطف ما عطف عليه ، وإن كان معناه أو طريقه التفخيم ، وصار ذلك كعطفه تعالى جبريل وميكائيل على سائر الملائكة ، حيث قال : (وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) وكعطفه الصلاة الوسطى على الصلوات ، في قوله : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) [البقرة : ٢٣٨] وكقوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ) [الأحزاب : ٧] فهذه جملة الكلام في هذا الفصل.
فصل
في عذاب القبر :
وجملة ذلك أنه لا خلاف فيه بين الأمة ، إلا شيء يحكى عن ضرار بن عمرو وكان من أصحاب المعتزلة ثم التحق بالمجبرة ، ولهذا ترى ابن الراوندي يشنع علينا ، ويقول : إن المعتزلة ينكرون عذاب القبر ولا يقرون به.
والكلام فيه يقع في أربعة مواضع :
أحدهما : في ثبوته.
والثاني : في كيفية ثبوته.
والثالث : في الوقت الذي يقع فيه.
والرابع : في فائدته.
ثبوت العذاب :
أما ثبوته ، فالذي يدل عليه قوله تعالى : (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا) فالفاء للتعقيب من غير مهلة ، وإدخال النار لا وجه له إلا التعذيب ، ويدل عليه أيضا قوله تعالى : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا) الآية ، ووجه دلالته على عذاب القبر ظاهر غير أنه يختص بآل فرعون ولا يعم جميع المكلفين.
والدلالة التي تعم ، قوله تعالى : (رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) ولا تكون