بشرط ألا يكون كان قادرا وكان بدله عاجزا ، ويجوز أن يكون جاهلا بشرط أن لا يكون كان عالما وكان بدله على صفة أخرى مضادة له ؛ ومن بلغ في التجاهل إلى هذا الحد فقد ارتكب عظيما.
وأيضا ، فلو جاز البدل عن الموجود جاز البدل عن الماضي ، فيقال : أكلت الآن بدل الأكل الواقع بالأمس ، والمعلوم خلافه. ويبين هذه الجملة ، أن البدل كالشرط في أن لا يدخل إلا في المستقبل المنتظر ، فأما في الواقع الموجود فلا يصح ، فكيف ما قالوه؟.
إذا جاز أن يكلف الله الكافر بالإيمان مع علمه أنه لا يؤمن ولا يقبح ذلك من جهة الله فهلا جاز أن يكلفه مع العلم بأنه لا يقدر عليه ولا يقبح منه :
ثم إنه رحمهالله سأل نفسه فقال : إذا جاز أن يكلف الله الكافر بالإيمان مع علمه أنه لا يؤمن ، ولا يقبح منه ، فهلا جاز أن يكلفه مع العلم بأنه لا يقدر عليه ، ولا يقبح منه.
والمجبرة يتعلقون بهذه الشبهة على هذا الوجه ؛ وربما يوردونه على وجه آخر ، فيقولون : إن القدرة على خلاف المعلوم محال ، وأتم فقد جوزتم التكليف به ، فكيف منعتم من أن يكلف الله تعالى الكافر وإن لم يقدر عليه؟.
والأصل في الجواب عن الأول ، هو أن نقول : إن بين الموضعين فرقا ، لأن تكليف الكافر مع العلم بأنه لا يؤمن إنما يحسن ، لأن الله تعالى أقدره على الإيمان ، وأزاح علته ، وقوى دواعيه ، ومكنه من ذلك ، وفعل به كل ما يحتاج إليه في التكليف ، ثم إنه اختار الكفر لسوء اختياره لنفسه. وليس كذلك من المعلوم من حاله أنه لا يقدر على الإيمان ، لأن تكليفه بالإيمان تكليف بما لا يطيقه لا يقدر عليه لا يمكنه الانفكاك من ضده الذي هو الكفر ، ففارق أحدهما الآخر.
وأما الجواب عن الثاني ، فهو أن من حق القادر على الشيء أن يكون قادرا على جنس ضده إذا كان له ضد ، فالكافر إذا قدر على الكفر وجب أن يكون قادرا على الإيمان ، ومعلوم أنه تعالى لم يعلم من حاله الضدين جميعا ، وإنما علم أحدهما دون الآخر ، ففسد إذا قولهم إن القدرة على خلاف المعلوم مما لا يثبت.
وبعد ، فلو كان كذلك ، لوجب أن يكون القديم تعالى غير قادر على أن يقيم