وقد تورد هذه الطريقة على وجه آخر ، فيقال : لو كان الله تعالى عالما بعلم لكان إليه طريق ، ولا طريق إلى ذلك. فإن قال : ومن أين أنه لا طريق إليه؟ قلنا : لأن الطريق إلى إثبات العلم وغيره من العلل تجدد الصفة مع الجواز ، وهذه الصفة واجبة لله تعالى.
فإن قيل : ألستم قد عبتم على أبي القاسم البلخي اعتماده على هذه الطريقة في نفي الثاني ، فكيف اعتمد نحوها هاهنا؟ قلنا : لأن الثاني يجوز أن يثبت ولا يختار ما هو طريق إليه ، إذ الطريق إليه إنما هو فعله ، وفعله موقوف على اختياره وقصده ، بخلاف العلم لأنه علة موجبة لما هو طريق إليها ، فلا يجوز إثباته إلا وكان إليه طريق فافترقا.
تفصيل الحديث على كل صفة من صفات الله
ثم إنه رحمهالله فصل هذه الجملة التي أجملناها وتكلم على كل واحدة بكلام يخصه.
حي لا بحياة
وجملة القول في ذلك ، هو أنه تعالى لو كان حيا بحياة ، والحياة لا يصح الإدراك بها إلا بعد استعمال محلها في الإدراك ضربا من الاستعمال ، لوجب أن يكون القديم تعالى جسما ، وذلك محال.
قادر لا بقدرة
وكذلك الكلام في القدرة ، لأن القدرة لا يصح الفعل بها إلا بعد استعمال محلها في الفعل أو في سببه ضربا من الاستعمال ، فيجب أن يكون الله تعالى جسما محلا للأعراض ، وذلك لا يجوز.
عالم لا بعلم
وأما العلم ، فقد يسلك فيه طريقان اثنان :
أحدهما ، هو أنه تعالى لو كان عالما بعلم لكان يجب في علمه أن يكون مثلا