يأمن أن يأمر بالمنكر وينهي عن المعروف.
وإن سقط عنه هذا التكليف لفقد الشرط الثاني ، وهو العلم بحضور المنكر ، فلا يجب ، وكما لا يجب لا يحسن.
وإن سقط عنه لفقد الشرط الثالث ، وهو العلم بأن ذلك يؤدي إلى مضرة أعظم منه كقتل جماعة من المسلمين أو إحراق محلة من محالهم ، فإنه كما يسقط عنه الوجوب لا يثبت الحسن أيضا.
وإذا سقط عنه ذلك لفقد الشرط الرابع ، وهو العلم بأن لقوله فيه تأثيرا ، فإن ذلك مما قد اختلفوا فيه ، فقال بعضهم إنه يحسن ، لأنه بمنزلة استدعاء الغير إلى الإسلام ، وقال الآخرون إنه يكون عبثا قبيحا.
وإذا سقط ذلك عنه لفقد الشرط الخامس ، وهو العلم بأن ذلك يؤدي إلى مضرة في نفسه أو ماله ، فالكلام فيه ما ذكرناه من قبل.
المعروف على قسمين :
ثم قال رحمهالله : إن المعروف على قسمين :
أحدهما : واجب ، والآخر : ليس بواجب.
فالأمر بالواجب واجب ، وبالنافلة نافلة. وهذا إنما أخذ عن أبي علي ، لأن المشايخ من السلف أطلقوا القول في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إلى أن جاء شيخنا أبو علي ، وقسم المعروف إلى هذين القسمين ، وجعل الأمر بالواجب واجبا ، وبالنافلة نافلة ، وهو الصحيح ، لأن حال الأمر لا يزيد في الوجوب والحسن على حال المأمور به. هذا في المعروف.
المنكر كله في باب واحد في أنه يجب النهي عنه :
وأما المنكر ، فكله من باب واحد في أنه يجب النهي عن جميعه عند استكمال الشرائط. وليس لقائل أن يقول إن من المناكير ما يكون صغيرة ، فكيف يلزم النهي عنها ، لأنه ما من صغيرة إلا ويجوزها كبيرة.
وبعد فإن النهي عن المنكر إنما وجب لصحته ، والقبح ثابت في الصغيرة شأنه في الكبيرة.