والتخلية؟.
وأما الممنوع فإنه يستعمل فيمن يكون قادرا ثم يتعذر عليه الفعل لأمر من الأمور على وجه لولاه لصح منه ذلك الفعل وحالته تلك ، والعاجز غير قادر على الإيمان البتة ، فكيف يصح وصفه بالمنع؟.
وبعد ، فلو كان العاجز ممنوعا لأن فيه ضدا واحدا ، فبأن يكون الكافر ممنوعا وفيه أربعة أضداد وهي : الكفر والقدرة الموجبة له وإرادة الكفر والقدرة الموجبة لها ، أولى وأوجب.
فرق آخر بين الكافر العاجز :
فرق آخر ، الكافر لو شاء لآمن وليس كذلك العاجز. قلنا : الإيمان لا يفعل بالمشيئة وإنما يفعل بالقدرة ، والكافر لم يعط القدرة كالعجز سواء. وأيضا فليس بأن يقال : الكافر لو شاء لآمن ، أولى من أن يعكس فقال : بل لو آمن لشاء إذ لا تأثير للمشيئة والاختيار فيه ، وإنما يقع الإيمان بالقدرة الموجبة عندهم. ثم يقال لهم : ما تريدون بقولكم إن الكافر لو شاء لآمن ، فإن أردتم به أنه لو شاء لآمن مع الكفر وقدرة الكفر وإرادة الكفر والقدرة الموجبة لإرادة الكفر ، فذلك لا يصح لاجتماع المتضادات. وإن أردتم به أنه لو شاء لآمن بشرط أن لا يكون كان فيه هذه الأشياء ، وكان بدلها أضدادها ، فذلك تجويز البدل عن الموجود ، وتعليق وجود الشيء بانتفاء أمر قد وجد على ما مر في نظائره ، فلا يصح.
وبعد ، فإن هذه العبارة إنما تستعمل في القادر على الشيء ، حتى لا يقال في الزمن لو شاء لسعى ، ولا في مقصوص الجناح لو شاء لطار ، لفقد القدرة فيهما ، والكافر غير قادر على الإيمان ، فكيف يصح أن يقال لو شاء لآمن!.
وأيضا ، فإن الكافر إذا لم يقدر لا على الإيمان ولا على مشيئة الإيمان ، فقولكم : إنه لو شاء لآمن ، يجري مجرى أن يقال لو قدر على المشيئة لقدر على الإيمان ، وهذا لا يغني ولا يقع به الفرق بينه وبين العاجز.
وأيضا ، فإن هذا ثابت في العاجز ، لأنه من الممكن أن يقال : لو شاء لآمن ، بشرط أن لا يكون كان فيه العجز وكان بدله القدرة ، فكيف يقع الفرق!.
وأيضا ، فإن قدرة الإيمان منفصلة عن قدرة مشيئة الإيمان ، فجوزوا أن يخلق في