المكلف ، وعند أبي هاشم لا يجب ، وكان الحال فيه كالحال في غيره من القبائح في أنه ليس يجب على الله تعالى المنع منها ، وهو الصحيح من المذهب.
وأما التوفيق ، فهو اللطف الذي يوافق الملطوف فيه في الوقوع ، ومنه سمي توفيقا. وهذا الاسم قد يقع على من ظاهره السداد ، وليس يجب أن يكون مأمون الغيب حتى يجري عليه ذلك.
وأما العصمة ، فهي في الأصل المنع ، ولهذا قال الله تعالى : (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) ، أي لا مانع ، ومنه قيل للذي يشد به رأس الدابة : عصام ، وقد صار بالعرف عبارة عن لطف يقع معه الملطوف فيه لا محالة ، حتى يكون المرء معه كالمدفوع إلى أن لا يرتكب الكبائر ، ولهذا لا يطلق إلا على الأنبياء أو من يجري مجراهم.
فصل في الآجال
الآجال :
ووجه اتصاله بما تقدم ، هو أنه ربما يسأل عن الآجال هل هي بقضاء الله وقدره.
وقبل الدخول في المسألة نبين حقيقة الأجل.
الأجل :
اعلم أن الأجل إنما هو الوقت ، وأما في العرف فإنما يستعمل في أوقات مخصوصة ، نحو أجل الحياة وأجل الموت وأجل الدين ، ولا يكادون يستعملونه في غير ذلك. وذلك مما لا مانع منه ، فإن الدابة كان في الأصل عبارة عن كل ما يدب على وجه الأرض ، والآن فقد خص ببعض ما يدب دون بعض ، وكذلك الملك كان مستعملا في كل رسول ، والآن فقد خص به بعض الرسل ، وهكذا الجن والقارورة.
وإذ قد فسرنا الأجل بالوقت فإنا نفسر الوقت أيضا.
الوقت :
اعلم أن الوقت هو كل حادث يعرف به المخاطب حدوث الغير عنده أو ما يجري مجرى الحادث ، وإنما أوجبنا في الوقت أن يكون حادثا ، لأنه لو كان باقيا لم يصح التوقيت به ، ألا ترى أنه لا يصح أن يقال أجيئك إذا السماء أو الأرض لما كانا