(فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) :
ومن جملتها قوله تعالى : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) [الواقعة : ٨ ، ٩] قالوا : قسم الله تعالى المكلفين إلى هذين القسمين ، ومعلوم أن صاحب الكبيرة ليس هو من القسم الأول ، فيجب أن يكون من القسم الثاني ، وفي ذلك ما نقوله. وجوابنا ، إن أكثر ما في الآية أن صاحب الكبيرة من أصحاب المشأمة ، فمن أين أنه يجب أن يسمى كافرا وفيه وقع الخلاف ، فإن جعلوا الدلالة على ذلك قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩)) فذلك لا يدلهم على أن غير الكفرة لا يجوز أن يكونوا من أصحاب المشأمة ، وفيه تنازعنا.
(وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) :
ومن جملة ذلك ، قوله تعالى : (وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) [سبأ : ١٧] قالوا لا شك أن صاحب الكبيرة مجازي فيجب أن يكون من الكفرة.
وجوابنا أن هذه الآية لا تدل على ما يريدونه ، فإن الأنبياء عليهمالسلام من المجازين أيضا ، ومتى قلتم إن المراد وهل يجازى بالنار إلا الكفور! كان في ذلك عدول عن الظاهر وترك له ، فلم يكونوا والحال هذه بالتأويل أولى منا ، فنقول : إن المراد وهل يجازى بعذاب الاستئصال إلا الكفور!
(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) :
ومن جملة ما يتعلقون به قوله تعالى : ٠٤٦. (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً (٨) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ (١٠) فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً (١١)) الآية. ولا متعلق لهم بهذه الآية أصلا ، فلسنا نمنع من دخول صاحب الكبيرة النار ولا تقتضي الآية أكثر من ذلك.
ومما يتعلقون به ، قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ (١٩)) وقوله : (إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ (٣٣)) قالوا : إنه تعالى قسم المكلفين قسمين ، ولقد اتفقنا على أن الفاسق ليس هو من القسم الأول ، فيجب أن يكون من القسم الثاني في ذلك ما قلناه.
وجوابنا ، أنا كما اتفقنا على أن الفاسق ليس من القسم الأول ، فكذلك اتفقنا على أنه ليس من الذين لا يؤمنون بالله العظيم ، فكيف يصح هذا الاحتجاج ، ثم نقول :