إما أن تكون حالة في ذات القديم ، وذلك لا يجوز ، لأن الحلول إنما يصح في المتحيز ، والله تعالى ليس بمتحيز.
وإما أن تكون حالة في الغير وقد أبطلتم ذلك.
وإما أن توجد لا في محل ، وذلك لا يصح لأن وجود الأعراض لا في محل محال.
والأصل في الجواب عن ذلك ، أنا لا نقول : إن هذه الإرادة تحل في ذات القديم أو في غيره ، بل نقول : إنها توجد لا في محل ، فلم لا يجوز ذلك؟ فإن قالوا : لأنه عرض ، ووجود العرض لا في محل محال ، واعتبر ذلك بالألوان والأكوان وغيرهما من أجناس الأعراض ، قلنا : هذا قياس بعض الأعراض على البعض من غير علة تجمعها وذلك لا يصح ، على أن الفناء من جملة الأعراض ، ثم إنه يوجد لا في محل.
وربما قالوا : إن في الأعراض ما لا يصح وجوده إلا في محل بالاتفاق ، وإنما لا يصح ذلك فيها لكونها عرضا ، فكل ما شاركه في ذلك وجب أن يشاركه في الحكم ، قلنا : إنا لا نسلم أن ما لا يصح وجوده إلا في محل من الأعراض إنما لا يصح لأنه عرض فبينوا ذلك ، فلا يجدون إلى تصحيح ذلك سبيلا.
ثم يقال لهم : ما أنكرتم أن هذه الأعراض إنما لا يصح وجودها إلا في محل ، لأنه لو وجد شيء منها لا في محل أدى إلى انقلابه عما هو عليه في ذاته ، أو إلى انقلاب غيره.
بيان هذه الجملة ، أن السواد والبياض لو وجدا لا في محل لكان لا يخلو ، إما أن يتضادا أو لا ، فإن لم يتضادا مع أن وجود أحدهما على حد وجود الآخر لم يصح لأن ذلك يقدح في تضادهما أحلا ويخرجهما عما هما عليه في أنفسهما وإذا تضادا كان يجب أن يكون تضادهما على مجرد الوجود ، فكان يجب استحالة أن يوجد لونان في العالم ، وقد عرف فساده. وهكذا الكلام في الحركة والسكون وغيرهما من الأعراض لو وجدت لا في محل.
يبين ذلك ، أنهما إذا وجدا لا في محل ، فإما أن يوجبا الحكم أو لا ، لا يجوز أن لا يوجبا الحكم لأن إيجابهما الحكم لما هما عليه في ذاتهما ، فلو وجدا على حد