١٨٥] وقال في الكراهية : (وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ) [التوبة : ٤٦] وقال بعد عده المعاصي : (كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً (٣٨)) [الإسراء : ٣٨] ، فهذه جملة الكلام في ذلك.
وللمخالفين في هذا الباب شبه نستقصي القول فيها من بعد إن شاء الله عزوجل.
ونذكر هاهنا ما لا بد من ذكره ونتكلم عليه. فمن جملة ما نذكره هاهنا ، هو أنهم قالوا : لو كان القديم تعالى مريدا وكارها لوجب أن يكون مشتهيا ونافرا ، لأن المرجع بالإرادة والكراهة إلى الشهوة والنفار ، ونحن قد أجبنا عن ذلك وفصلنا بين هذه الأوصاف فلا نعيده.
وأحد ما يوردونه في هذا الباب ، هو أنهم قالوا : لو كان الله تعالى مريدا ومعلوم أنه لم يكن كذلك أبدا وإنما حصل على هذه الصفة بعد أن لم يكن عليها ، لوجب أن يكون قد تغير حاله ، والتغير لا يجوز على الله تعالى ، فليس إلا أنه تعالى لا يكون مريدا أصلا. قلنا ما تريدون بالتغير؟ فإن أردتم به أنه حصل مريدا بعد أن لم يكن فهو الذي نقوله ، وإن أردتم به أنه حصل غير ما كان فلم وجب ذلك؟ فلا يجدون إلا ما يريدون سبيلا.
فصل : في كيفية استحقاقه تعالى لهذه الصفة
الله مريد بإرادة محدثة لا في محل :
واعلم أنه مريد عندنا بإرادة محدثة موجودة لا في محل.
وقد ذهبت النجارية إلى أنه تعالى مريد لذته ، وذهبت الأشعرية إلى أنه تعالى مريد بإرادة قديمة ، وذهبت الكلابية إلى أنه تعالى مريد بإرادة أزلية ، ونحن إذا أفسدنا هذه المذاهب كلها صح لنا ما قلناه.
فساد قول النجارية :
والذي يدل على فساد ما ذهب إليه النجار ، هو أنه تعالى لو كان مريدا لذاته لوجب أن يكون مريدا لجميع المرادات ، لأن المرادات غير مقصورة على بعض المريدين دون بعض ، فما من مراد يصح أن يريده زيد إلا ويصح أن يريده عمرو وغيره من المريدين ، فيجب أن يكون مريدا لسائر المرادات. كما أنه تعالى لما كان عالما