فأنت طالق ، وفلانة طالق ، لا يتعلّق طلاق الثانية بالشرط ، وعلى هذا يختصّ الاستثناء به ولا يرجع لما تقدمه ، ويبقى المحدود في القذف غير مقبول الشهادة بعد التوبة كما كان قبلها (١).
٤ ـ / ١٠٤ ومنه قوله تعالى : (فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ) (الشورى : ٢٤) ؛ فإنه علّة تامة معطوفة على ما قبلها ، غير داخل تحت الشرط. ولو دخلت كان ختم القلب ومحو الباطل متعلقين بالشرط ، والمتعلّق بالشرط معدوم قبل وجوده ، وقد عدم ختم القلب ووجد محو الباطل ، فعلمنا أنه خارج عن الشرط ، وإنما سقطت الواو في الخطّ ، واللفظ ليس للجزم ، بل سقوطه من اللفظ لالتقاء الساكنين ، وفي الخطّ اتباعا للفظ ، كسقوطه [في] (٢) قوله تعالى : (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ) (الإسراء : ١١) ، وقوله : (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) (العلق : ١٨) ، ولهذا وقف عليه يعقوب بالواو نظرا للأصل ؛ وإن وقف [عليه] (٢) غيره بغير واو اتّباعا للخط.
والدليل على أنّها ابتداء إعادة الاسم في قوله : (وَيَمْحُ اللهُ) (الشورى : ٢٤) ولو كانت معطوفة على ما قبلها لقيل «ويمح الباطل» ، ومثله : (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ [ما نَشاءُ]) (٢) (الحج : ٥). وقوله : (وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) (التوبة : ١٥). وقوله : (قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى) (الأعراف : ٢٦) ، وغير ذلك.
(قلت) : وكثير من هذا لا يرد عليهم ؛ فإنّ كلامهم في الواو العاطفة ، وأما (وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ) وما بعده فهي للاستئناف ؛ إذ لو كانت للعطف لانتصب «نقرّ» [و «لباس] (٣) ، وجزم و «يتوب». وكذلك [الواو] (٣) في (وَالرَّاسِخُونَ) للاستئناف ، (وَيَمْحُ اللهُ).
وقال البيانيون : للجملة ثلاثة أحوال :
ـ (فالأول) : أن يكون ما قبلها [بمنزلة] (٤) الصفة من الموصوف ، والتأكيد من المؤكّد ، فلا يدخلها عطف لشدة الامتزاج ؛ كقوله [تعالى] : (الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ
__________________
(١) إشارة إلى بقية الآية (ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ).
(٢) ليست في المخطوطة.
(٣) ليست في المطبوعة.
(٤) ليست في المخطوطة.