ولا حركة عليكم بعد هذا. وقال : ([فِي] (١) مَقْعَدِ صِدْقٍ) (القمر : ٥٥) ولم يقل «مجلس» إذ لا زوال عنه.
وقال : ([إِذا قِيلَ لَكُمْ] (١) تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ) (المجادلة : ١١) ، إشارة إلى أنّه يجلس فيه زمانا يسيرا ليس بمقعد ؛ فإذا طلب منكم التفسح فافسحوا ، لأنه لا كلفة فيه لقصره ، ولهذا لا يقال : قعيد الملوك ، وإنما يقال : جليسهم ، لأن مجالسة الملوك يستحبّ فيها التخفيف ؛ والقعيدة [تقال] (٢) للمرأة ؛ لأنها تلبث في مكانها.
ومن ذلك «التمام» و «الكمال» ، وقد اجتمعا في قوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي [وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً]) (٢) (المائدة : ٣) ، والعطف يقتضي المغايرة. فقيل : الإتمام لإزالة نقصان الأصل ، والإكمال لإزالة نقصان العوارض بعد تمام الأصل ؛ ولهذا كان قوله [تعالى : (تِلْكَ] (١) عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) (البقرة : ١٩٦) ؛ أحسن من «تامّة» ، فإنّ التمام من العدد قد علم ؛ وإنما بقي احتمال نقص في صفاتها.
٤ ـ / ٨٥ وقيل «تمّ» يشعر بحصول نقص قبله ، و «كمل» لا يشعر بذلك ؛ ومن هذا قولهم :
رجل كامل ، إذا جمع خصال الخير ، ورجل تامّ إذا كان غير ناقص الطول.
وقال العسكريّ (٣) : «الكمال اسم لاجتماع أبعاض الموصوف به ، والتمام اسم للجزء الذي يتمّ به الموصوف ؛ ولهذا يقولون : القافية تمام البيت ، ولا يقولون كماله ، ويقولون : البيت بكماله».
ومن ذلك الضياء والنور.
(فائدة) قال الجوينيّ (٤) : لا يكاد اللغويون يفرقون بين الإعطاء والإيتاء (٥) ، وظهر لي [بينهما فرق] (١) انبنى عليه بلاغة في كتاب الله ، وهو أنّ الإيتاء (٥) أقوى من الإعطاء [في
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) تصحف في المخطوطة إلى (العكبري) ، وانظر قوله في كتابه «الفروق اللغوية» ص ٢١٨ الباب الثالث والعشرون في الفرق بين الحسن والوضاءة ...
(٤) هو عبد الملك بن عبد الله تقدم التعريف به في ١ / ١١٨.
(٥) تصحفت في المطبوعة إلى (الإتيان) والصواب ما أثبتناه من المخطوطة.