وقال أبو البقاء في قوله تعالى : (أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ) (الزخرف : ١٦) تقديره بل «أتّخذ!» بهمزة مقطوعة على الإنكار ، ولو جعلناه همزة وصل لصار إثباتا : تعالى الله [عزوجل] (١) عن ذلك! ولو كانت «أم» المنقطعة بمعنى «بل» وحدها دون الهمزة وما بعد «بل» متحقق ، فيصير [ذلك] (٢) في الآية متحققا ، تعالى الله عن ذلك!
(مسألة) «أم» لا بدّ أن يتقدّمها استفهام أو ما في معناه. والذي في معناه التّسوية ؛ فإن الذي يستفهم ، استوى عنده الطرفان ؛ ولهذا يسأل ، وكذا المسئول استوى عنده (٣) الأمران.
فإذا ثبت هذا ؛ فإنّ المعادلة تقع بين مفردين وبين جملتين ، والجملتان يكونان اسميتين وفعليّتين ؛ ولا (٤) يجوز أن يعادل بين اسمية وفعلية ؛ إلاّ أن تكون الاسمية بمعنى الفعلية ، أو الفعلية بمعنى الاسمية ، كقوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) (الأعراف : ١٩٣) أي أم صمتم.
وقوله : (أَفَلا تُبْصِرُونَ* أَمْ أَنَا خَيْرٌ) (الزخرف : ٥١ ـ ٥٢) ؛ لأنّهم إذا قالوا له : أنت خير ، كانوا عنده بصراء ، فكأنه قال : أفلا تبصرون أم أنتم بصراء؟
قال الصفّار (٥) : إذا كانت الجملتان موجبتين قدّمت أيّهما شئت ، وإن كانت إحداهما منفيّة أخرتها ، فقلت : أقام زيد أم لم يقم؟ ولا يجوز : ألم يقم ، أم لا؟ ولا سواء عليّ ألم تقم أم قمت! (٦) [لأنهم يقولون : سواء عليّ أقمت أم لا ، يريدون : أم لم تقم ، فيحذفون لدلالة الأول ، فلا يجوز هذا : سواء عليّ أم قمت] (٦) ، لأنه حذف من غير دليل ، فحملت سائر المواضع المنفية على هذا.
قال : فإنه لا بد أن يتقدمها الاستفهام أو التسوية ، بخلاف «أو» فإنّه يتقدمها كلّ كلام إلا (٧) التسوية ، فلا [تقول] (٨) : سواء عليّ قمت أو قعدت ؛ لأن الواحد لا يكون «سواء».
__________________
(١) ليست في المطبوعة.
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) في المطبوعة (عنه).
(٤) في المخطوطة (لا).
(٥) هو القاسم بن علي البطليوسي تقدم التعريف به في ٢ / ٤٥١.
(٦) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (لا).
(٨) ساقطة من المخطوطة.