٣٩ ـ عن
تقتضي مجاوزة ما أضيف إليه نحو غيره وتعدّيه عنه ، تقول : أطعمته عن جوع ، أي أزلت عنه الجوع ، ورميت عن القوس ، أي طرحت السهم عنها. وقولك : أخذت العلم عن فلان ، مجاز ، لأن علمه لم ينتقل عنه ؛ ووجه المجاز أنك لما تلقيته منه صار كالمنتقل إليك عن محلّه ، وكذلك قوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) (النور : ٦٣) ، لأنهم إذا خالفوا أمره تعدوا عنه وتجاوزوه.
قال أبو محمد البصري : «عن» تستعمل أعمّ من «على» ، لأنه يستعمل في الجهات الست ، وكذلك وقع موقع «على» في قوله :
إذا رضيت عليّ بنو قشير (١)
ولو قلت : أطعمته على (٢) جوع ، وكسوته على عري ، لم يصح.
وتجيء للبدل ، نحو : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) (البقرة : ٤٨).
وللاستعلاء ، نحو : (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) (محمد : ٣٨).
وقوله : (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي) (ص : ٣٢) ، أي قدمته عليه.
وقيل : [بل هي] (٣) على بابها ، أي منصرفا عن ذكر ربّي.
وحكى الرمانيّ (٤) عن أبي عبيدة (٥) أن «أحببت» من أحبّ البعير إحبابا ؛ إذا برك فلم يقم ، ف «عن» متعلقة باعتبار معناه التضمين ، أي تثبطت عن ذكر ربّي ، وعلى هذا ف «حب الخير» ، مفعول لأجله.
__________________
(١) صدر بيت عجزه :
لعمر الله أعجبني رضاها
وقائله هو القحيف العقيلي من قصيدة له يمدح بها حكيم بن المسيب انظر خزانة الأدب ٤ / ٢٤٧ ، وهو من شواهد الخصائص لابن جني ٢ / ٣١١ ، باب في استعمال الحروف بعضها مكان بعض. والمغني لابن هشام ١ / ١٤٣ (على).
(٢) في المطبوعة (من).
(٣) ساقطة من المطبوعة.
(٤) هو علي بن عيسى الرماني تقدم التعريف به في ١ / ١١١.
(٥) هو معمر بن المثنى تقدم التعريف به في ١ / ٣٨٢ ، وانظر قوله في كتابه مجاز القرآن ٢ / ١٨٢ بتصرف.