(الإسراء : ٥٩). [٢٧٥ / أ] وقوله : (وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْياناً كَبِيراً) (الإسراء : ٦٠) ، لأن التخويف حصل ، ولم يحصل للكفار خوف نافع يصرفهم إلى الإيمان ؛ فإنّه المطاوع للتخويف المراد بالآية الكريمة ، وعلى الأول تكون الفاء للتعقيب في الزمان ، ويكون : «أخرجته فما خرج» حقيقة.
(فائدة) قالوا في قوله [تعالى] (١) : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) (النازعات : ٤٥) : إن التقدير «منذر إنذارا نافعا من يخشاها». قال الشيخ عز الدين (٢) : ولا حاجة إلى هذا ، لأن فعل وأفعل ، إذا لم يترتب عليه مطاوعة ، كخوف وعلم وشبهه لا يكون حقيقة ؛ لأن «خوف» إذا لم يحصل الخوف ، و «علم» إذا لم يحصل العلم كان مجازا ، و (مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) ، يترتب عليه أثره ، وهو الخشية ، فيكون حقيقة لمن يخشاها ، فإذا ليس منذرا من لم يخش ، لأنه لم يترتب عليه أثر. فعلى هذا : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ) (النازعات : ٤٥) فيه جمع بين الحقيقة والمجاز لترتب أثره عليه ، بالنسبة إلى «من يخشى» دون «من لم يخش».
احتمال الفعل (٣) للجزم والنصب
فمنه قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) (الأعراف : ١٩) ، يحتمل أن يكون ما بعد الفاء مجزوما ، ويحتمل أن يكون منصوبا ، وإذا كان مجزوما كان داخلا في النهي ، فيكون قد نهي عن الظلم ، كما نهي عن قربان الشجرة ، فكأنه قال : «لا تقربا هذه الشجرة فلا تكونا من الظالمين» (٤).
ومنه قوله تعالى : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَ) (البقرة : ٤٢) ، فإنه يحتمل أن يكون «تكتموا» مجزوما ؛ فهو مشترك مع الأول في حرف النهي ؛ والتقدير : لا تلبسوا ولا تكتموا ، أي لا تفعلوا هذا [ولا هذا] (٥) ، كما في قولك : لا تأكل السمك وتشرب اللبن ، بالجزم. أي لا تفعل واحدا من هذين. ويحتمل أن يكون منصوبا ، والتقدير : لا
__________________
(١) ليست في المطبوعة.
(٢) هو شيخ الإسلام عبد العزيز بن عبد السلام تقدم التعريف به في ١ / ١٣٢.
(٣) تصحفت في المخطوطة إلى (أفعال الوصل).
(٤) في المخطوطة زيادة (ويؤدي إلى الظلم).
(٥) ليست في المطبوعة.