وفرق ابن بابشاذ أيضا بينهما ، بأن «سوف» تستعمل كثيرا في الوعيد والتهديد ، وقد تستعمل في الوعد. مثال الوعيد : (وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً) (الفرقان : ٤٢) ، و (كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ) (١) (التكاثر : ٤).
وأمثالها في الوعد : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) (الضحى : ٥) فأمّا قوله تعالى : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) (المائدة : ٥٤) ، لتضمّنه الوعد والوعيد جميعا ، فالوعد لأجل المؤمنين المحبين ، والوعيد لما تضمنت من جواب المرتدين بكونهم أعزّة عليهم وعلى جميع الكافرين.
والأكثر في السين الوعد ، وتأتي للوعيد. مثال الوعد : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) (مريم : ٩٦). ومثال الوعيد : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (الشعراء : ٢٢٧).
٣٨ ـ على
للاستعلاء حقيقة ، نحو (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) (المؤمنون : ٢٢). أو مجازا ، نحو : (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ) (الشعراء : ١٤). (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) (البقرة : ٢٥٣).
وأما قوله : (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) (الفرقان : ٥٨) ، فهي بمعنى الإضافة والإسناد ، أي أضفت توكلي وأسندته إلى الله تعالى ؛ لا إلى الاستعلاء ؛ فإنها لا تفيده هاهنا.
وللمصاحبة ، كقوله [تعالى] : (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ) (البقرة : ١٧٧). (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) (الرعد : ٦). وتأتي للتعليل ، نحو : (لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) (الحج : ٣٧) أي لهدايته إياكم.
قال بعضهم : وإذا ذكرت النعمة في الغالب مع الحمد لم تقترن ب «على» ، نحو : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) (الأنعام : ١) (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (فاطر : ١) ، وإذا أريدت النعمة أتي ب «على» ، ففي الحديث : «كان إذا رأى ما
__________________
(١) في المطبوعة (كلا سيعلمون).