وقد يجيء قسم آخر ، وهو العطف على المعنى ؛ كقوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ) (البقرة : ٢٥٨) ؛ ثم قال : (أَوْ كَالَّذِي) (١) (البقرة : ٢٥٩) ، عطف المجرور بالكاف على المجرور ب «إلى» ، حملا على المعنى ؛ لأن قوله : «إلى الّذي» في معنى : «أرأيت كالذي» (٢).
٤ ـ / ١١٣ وقال بعضهم في قوله تعالى : (وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ) (الصافات : ٧) ؛ إنه عطف على معنى (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا) (الصافات : ٦) وهو : إنا خلقنا الكواكب في السماء [الدنيا] (٣) زينة للسماء الدنيا. وفي قوله تعالى : (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ* أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ [إِلى إِلهِ مُوسى]) (٤) (غافر : ٣٦ ـ ٣٧) ، على قراءة النصب (٥) : إنه عطف معنى (لَعَلِّي أَبْلُغُ) ، [وهو «لعليّ أن أبلغ»] (٦) ؛ فإن خبر «لعلّ» يقترن ب «أن» كثيرا.
القاعدة الرابعة
الأصل في العطف التغاير ؛ وقد يعطف الشيء على نفسه في مقام التأكيد ، وقد سبق إفراده بنوع في فصول التأكيد.
القاعدة الخامسة
يجوز في الحكاية عن المخاطبين إذا طالت : قال [زيد ، قال] (٦) عمرو ، من غير أن تأتي بالواو وبالفاء ؛ وعلى هذا قوله تعالى (٧) : ([إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي] (٦) يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ ...) (البقرة : ٢٥٨) الآية. وقوله تعالى : (قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ* قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (الشعراء : ٢٣ ـ ٢٤) ، ونظائرها.
__________________
(١) قوله تعالى (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها).
(٢) انظر «الكشاف» ١ / ١٥٦ ـ ١٥٧ عند تفسير الآية من سورة البقرة.
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) ليست في المطبوعة.
(٥) قال ابن الجزري في «النشر» ٢ / ٣٦٥ (واختلفوا في (فَأَطَّلِعَ) فروى حفص بنصب العين وقرأ الباقون برفعها).
(٦) ليست في المخطوطة.
(٧) زيادة في المخطوطة (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ) البقرة : ٢٦٠.