مثنى لم يجز إضافته إلى التثنية ؛ لأنه لا يجوز إضافة الشيء إلى نفسه. والفصيح مراعاة اللفظ ؛ لأنّه الذي ورد به القرآن ؛ فيقال : كلا الرجلين خرج ، وكلتا المرأتين حضرت.
وقد نازع بعض المتأخرين وقال : ليس معناه التثنية على الإطلاق كما ذكره النحاة ، ولو كان كذلك لكثرت مراعاة [٣٠٥ / أ] المعنى ؛ كما كثرت مراعاته في «من» و «ما» الموصولتين ؛ لكنّ أكثر ما جاء في لسان العرب عود الضمير مفردا [كقوله تعالى] (١) : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ) (الكهف : ٣٣) ، وما جاء فيه مراعاة المعنى في غاية القلة.
قال : فالصواب أن معناها مفرد صالح لكلّ من الأمرين المضاف إليهما. وأما [مجيء] (١) مراعاة التثنية فيه فعلى سبيل التوسّع ؛ ووجه التوسّع أن كل فرد في جانب الثبوت معه غيره ؛ فجاءت التثنية بهذا الاعتبار ؛ فالإفراد فيه مراعاة المعنى واللفظ ، والتثنية مراعاة المعنى من بعض الوجوه.
(فائدة): وقع في شعر أبي تمام (٢) «كلا الآفاق» ، وخطّأه المعرّي ؛ لأن «كلا» يستعمل في الاثنين (٣) لا الجمع.
قال : ولم يأت في المسموع : كلا القوم ، ولا كلا الأصحاب ؛ وإنما (٤) يقال : كلا الرجلين ونحوه ؛ فإن أخذ من الكلأ ؛ من قولك : كلأت الشيء إذا رعيته وحفظته ، فالمعنى يصحّ ؛ إلاّ أن المتكلم يقصر ؛ وهي ممدودة.
٥٤ ـ كم
نكرة لا تتعرّف ؛ لأنها مبهمة في العدد ، ك «أين» في الأمكنة ، و «متى» في الأزمنة ، و «كيف» في الأحوال.
وقول سيبويه (٥) : كم أرضك جريبا (٦)؟ : «كم» مبتدأ ، و «أرضك» مبنيّ عليه ؛ مجاز ليس بحقيقة ؛ وإنما «أرضك» مبتدأ ، و «كم» الخبر ، مثل كيف زيد؟.
__________________
(١) ليست في المطبوعة.
(٢) هو حبيب بن أوس تقدم التعريف به في ٣ / ١٨٧.
(٣) في المخطوطة (للاثنين).
(٤) في المخطوطة (وان).
(٥) في الكتاب ٢ / ١٦٠ (باب كم) بتصرف.
(٦) عبارة سيبويه (كم جريبا أرضك).