ويحوز مجيئها بمعنى «إذ» وجعل منه ابن مالك قوله تعالى : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً [انْفَضُّوا]) (١) (الجمعة : ١١). وردّ بفوات المعنى ، لأن «إذا» تفيد أنّ هذا حالهم المستمرّ ، بخلاف «إذ» فإنها لا تعطي ذلك.
وقولهم : «إذا فعلت كذا» ، فيكون على ثلاثة أضرب : (أحدها) : يكون المأمور به قبل الفعل ، تقول : إذا أتيت الباب ، فالبس أحسن الثياب ، و [منه] (٢) قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) (المائدة : ٦) ، (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ) (النحل : ٩٨). (الثاني) : أن يكون مع الفعل ، كقولك : إذا قرأت فترسّل. (الثالث) : أن يكون بعده ، كقوله تعالى : (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) (المائدة : ٢) ، (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا) (الجمعة : ٩).
[فائدة]
(٣) من الأسئلة الحسنة ، في قوله تعالى : (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) (البقرة : ٢٠) أنّه يقال : لم أتي قبل «أضاء» ب «كلّما»؟ وقبل «أظلم» ب «إذا»؟ وما وجه المناسبة في ذلك؟ وفيه وجوه : (الأول) أن تكرار الإضاءة يستلزم تكرار الإظلام ، فكان تنويع (٤) الكلام أعذب.
(الثاني) : أن مراتب الإضاءة مختلفة متنوعة ، فذكر «كلّما» تنبيها على ظهور التعدد وقوته لوجوده بالصورة والنوعية ، والإظلام نوع واحد ، فلم يؤت بصيغة التكرار لضعف التعدد فيه ، بعد (٥) ظهوره بالنّوعية ، وإن حصل بالصورة.
(الثالث) : قاله الزمخشريّ (٦) ، وفيه تكلّف ـ أنهم لما اشتدّ حرصهم على الضوء المستفاد (٧) من النور ، كانوا كلّما حدث لهم نور تجدّد لهم باعث الضوء فيه ، لا يمنعهم من ذلك تقدّم فقده واختفاؤه (٨) منهم ، وأما التوقّف بالظلام فهو نوع واحد. وهذا قريب من
__________________
(١) ليست في المطبوعة.
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (وكان تنوع).
(٥) في المخطوطة (تقدم).
(٦) انظر الكشاف ١ / ٤٣ عند قوله. (فإن قلت كيف قيل مع الإضاءة «كلما» ومع الإظلام «إذا»).
(٧) في المخطوطة (المستعار).
(٨) في المخطوطة (واختفائه).