وإنما دعواه أنّ «ومن أظلم ممن منع مثلا» ، والغرض أنّ الأظلمية ثابتة لغير ما اتصف بهذا الوصف ، وإذا كان كذلك حصل التعارض ، ولا بد من الجمع بينهما. وطريقه التخصيص ، فيتعين القول به.
وقول الشيخ : إن المعنى «لا أحد أظلم ممن منع وممن ذكر» صحيح ، ولكن لم يستفد ذلك إلا من جهة التخصيص ، لأن الأفراد المنفيّ عنها الأظلمية في آية ، أثبتت لبعضها الأظلمية أيضا في آية أخرى ، وهكذا بالنسبة إلى بقيّة الآيات الوارد فيها ذلك. وكلام الشيخ يقتضي [أن] (١) ذلك استفيد لا بطريق التخصيص ، بل بطريق أن الآيات المتضمنة (٢) لهذا الحكم في [حكم] (٣) آية واحدة. وإذا تقرّر ذلك ، علمت أن كلّ آية خصّت بأخرى ، ولا حاجة إلى القول بالتخصيص بالصّلات ، ولا بالسبق.
ـ (الرابع) : طريقة بعض المتأخرين ، فقال : متى قدّرنا : «لا أحد أظلم» ، لزم أحد الأمرين : إمّا استواء الكلّ في الظّلم ، وأن المقصود نفي الأظلمية عن غير المذكور ، لا إثبات الأظلمية له ، وهو خلاف المتبادر إلى الذهن ، وإمّا أن كلّ واحد أظلم في ذلك النوع. وكلا الأمرين إنما لزم من جعل مدلولها إثبات الأظلمية للمذكور حقيقة ، أو نفيها عن غيره.
٤ ـ / ٧٧ وهنا معنى ثالث ، وهو أمكن في المعنى وسالم عن الاعتراض ، وهو الوقوف مع مدلول اللفظ من الاستفهام ، والمقصود به أنّ هذا الأمر عظيم فظيع ، قصدنا بالاستفهام عنه تخييل أنه لا شيء فوقه ، لامتلاء قلب المستفهم عنه بعظمته امتلاء يمنعه من ترجيح غيره ، فكأنه مضطر [إلى] (٤) أن يقول : لا أحد أظلم ؛ وتكون دلالته على ذلك استعارة لا حقيقة ، فلا يرد كون غيره أظلم منه إن فرض. وكثيرا ما يستعمل هذا في الكلام إذا قصد به التهويل ، فيقال : أيّ شيء أعظم من هذا إذا قصد إفراط عظمته؟ ولو قيل للمتكلّم بذلك : أنت قلت إنه أعظم الأشياء ، لأبى ذلك. فليفهم هذا المعنى ، فإنّ الكلام ينتظم معه والمعنى عليه.
قاعدة (٥)
قوله تعالى : (وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ) (الأنبياء : ٨) ، قال صاحب
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (المقتضية).
(٣) ليست في المطبوعة.
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) في المخطوطة (فائدة).