وقد اختلف القرّاء (١) في (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) (الأحزاب : ٤٠) ، فأكثرهم على تخفيفها ونصب (رَسُولَ [اللهِ]) (٢) بإضمار «كان» أو بالعطف على (أَبا أَحَدٍ). والأوّل أليق ، لكن ليست عاطفة لأجل الواو ، فالأليق لها أن تدخل على الجمل ك «بل» العاطفة. وقرأ أبو عمرو (٣) بتشديدها على أنها عاملة ، وحذف خبرها ؛ [أي] (٤) ولكن رسول الله هو ، أي محمد (٥).
٦٨ ـ لعلّ
تجيء لمعان :
الأول للترجي في المحبوب ، نحو : لعل الله يغفر لنا ، وللإشفاق في المكروه ، نحو : لعلّ الله يغفر للعاصي. ثم وردت في كلام من يستحيل عليه الوصفان ، لأنّ الترجي للجهل بالعاقبة وهو محال على الله وكذلك الخوف والإشفاق.
فمنهم من صرفها إلى المخاطبين. قال سيبويه في قوله تعالى : (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) (طه : ٤٤) ، معناه : كونا على رجائكما في ذكرهما (٦) ، يعني أنه كلام منظور فيه إلى جانب موسى وهارون عليهماالسلام ؛ لأنهما لم يكونا جازمين بعدم إيمان فرعون.
وأما استعمالها في الخوف ؛ ففي قوله تعالى : (لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) (٧) (الشورى : ١٧) ، فإن الساعة مخوفة في حق المؤمنين ، بدليل قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها)
__________________
(١) انظر الآية واختلاف القراء فيها في «البحر المحيط» ٧ / ٢٣٦ عند تفسير سورة الأحزاب.
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) هو أبو عمرو بن العلاء تقدم التعريف به في ١ / ١٥٠ ، وانظر قراءته في «البحر المحيط» ٧ / ٢٣٦.
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) في المخطوطة (أي هو محمد).
(٦) انظر قول سيبويه في «معاني القرآن وإعرابه» للزجاج ١ / ٩٨ عند الآية (٢١) من سورة البقرة ، وانظر «معالم التنزيل» ٣ / ٢١٩ عند تفسير سورة طه ، و «البحر المحيط» ٦ / ٢٤٥ عند تفسير الآية من سورة طه ، و «مغني اللبيب» ١ / ٢٨٨ حرف اللام ، لعل.
(٧) في المخطوطة (لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) الأحزاب : ٦٣.