(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ) (الغاشية : ١) ، (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) (الإنسان : ١) (١) [وإنما حملوها على الحرف لأنه ورد من عالم بما يدخل عليه فأخرجوها عن معنى الاستفهام إلى معنى الاخبار حملوها على الحرف الموجب وهو «قد» وكان أولى من غيره لأنه لا يختص بصيغة اختصاص السين وسوف ، وهذا إنما يصح إذا ورد بعدها فعل ، فإن كان اسما فعلى معنى قد ، إلا أن يراد أن معناها الإيجاب لما بعدها كما يدّعي الفراء باللام في الإيجاب في قولك : «إن زيدا لقائم» إنما هو بمعنى قد ، وإنّ «قد» لا تدخل على الاسم وإنما يريد أن الكلام إيجاب ، ومنع قوم من كون «هل» بمعنى «قد» ولم يخرجوها من بابها ، وتأولوا «هل» في الآية إلى شيء يرجع إلى المخلوق في السؤال] (١).
وذكر بعضهم أن «هل» تأتي للتقرير والإثبات ، كقوله تعالى : (هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) (الفجر : ٥) ، أي في ذلك قسم. وكذا قوله : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) (الإنسان : ١) ، على القول بأن المراد آدم ، فإنه توبيخ لمن ادّعى ذلك.
وتأتي بمعنى «ما» كقوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) (البقرة : ٢١٠) وبمعنى «ألا» كقوله [٣٢١ / ب] : (هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً) (الكهف : ١٠٣). وبمعنى الأمر ، نحو : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (المائدة : ٩١) وبمعنى السؤال : (هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) (ق : ٣٠).
وبمعنى التمنّي : (هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ [لِذِي حِجْرٍ]) (٢) (الفجر : ٥).
وبمعنى «أدعوك» ، نحو : (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) (النازعات : ١٨) ؛ فالجار والمجرور متعلّق به.
٧٩ ـ هيهات
لتبعيد الشيء ؛ ومنه (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ) (المؤمنون : ٣٦) ، قال الزجاج (٣) : البعد لما توعدون قيل : وهذا غلط من الزجاج أوقعه فيه اللام ؛ فإن تقديره : بعد الأمر لما توعدون ، أي لأجله.
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة.
(٢) ليست في المخطوطة.
(٣) انظر كتابه «معاني القرآن وإعرابه» ٤ / ١٢.