«إطماع من الله تعالى لعباده. وفيه وجهان : أحدهما أن يكون على ما جرت به عادة الجبابرة من الإجابة ب «لعلّ» وعسى ، ووقوع ذلك منهم موقع القطع والبتّ. والثاني أن تجيء تعليما للعباد وجوب الترجيح بين الخوف والرجاء».
٤١ ـ عند
ظرف مكان بمعنى «لدن» إلا أن «عند» معربة. وكان القياس بناءها لافتقارها إلى ما تضاف إليه ، ك «لدن» و «إذ» ، ولكن أعربوا «عند» لأنهم توسعوا فيها ، فأوقعوها على ما هو ملك الشخص ، حضره أو غاب عنه ، بخلاف «لدن» فإنه لا يقال : لدن فلان ؛ إلا إذا كان بحضرة القائل ، ف «عند» بهذا الاعتبار أعمّ من «لدن» ؛ ويستأنس له بقوله : (آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) (الكهف : ٦٥) ، أي من العلم الخاصّ بنا ، وهو علم الغيب.
وقوله : (وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) (آل عمران : ٨) ، الظاهر أنها بمعنى «عندك» ؛ وكأنها أعمّ من «لدن» لما ذكرنا ، فهي أعمّ «من بين يدي» ؛ لاختصاص هذه بجهة (١) «أمام» ؛ فإن من حقيقتها الكون من جهتي مسامتة البدن.
وتفيد معنى القرب.
وقد تجيء بمعنى «وراء» و «أمام» ، إذا تضمّنت معنى «قبل» ك «بين يدي الساعة».
وقد تجيء «وراء» بمعنى «لدى» المضمن (٢) معنى «أمام» ؛ كقوله تعالى : (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ) (الكهف : ٧٩). (مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ) (إبراهيم : ١٦). (وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ) (البقرة : ٩١). وقوله : (مِنْ وَراءِ جُدُرٍ) (الحشر : ١٤) ، يتناول الحالين بالتضايف.
وقد يطلق لتضمنه معنى الطواعية وترك الاختيار مع المخاطب ، كقوله تعالى : (لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) (الحجرات : ١) ، من النهي عن التقديم ، أو التقدّم على وجه المبادرة بالرأي والقول ، أي لا تقدموا القول ، أو لا تقدموا بالقول بين يدي قول الله. وعلى هذا يكون المعنى بقوله [تعالى] : (بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) أملأ بالمعنى.
وإذا ثبت أن «عند» و «لدي» (٣) للقرب ، فتارة يكون حقيقيا ، كقوله [تعالى] : (وَلَقَدْ رَآهُ
__________________
(١) في المخطوطة (الجملة).
(٢) في المخطوطة (المضمر).
(٣) في المخطوطة (عندي ولديّ بالقرب).