قال الشيخ عز الدين : وإنما أضاف الضّحى إلى نهار العشية ؛ لأنّه لو أطلقها من غير إضافة لم يحسن الترديد ب «أو» لأن عشية كلّ نهار من الظهر إلى الغروب ، وهو نصف النهار ، وضحاها مقدار ربعه مثلا ، وهو مقدار نصف العشية فلما أضافه إلى نهارها ، علم تقاربهما ، فحسن الترديد. لإفادته الترديد بين اللّبث الطويل [والقصير] (١) ، ولو أطلقه لجاز أن يتوهّم عشية نهار قصير ، وضحى يوم طويل ، فتساوى ذلك الضحى (٢) بالعشية فلا يحسن الترديد بينهما.
٤ ـ / ٤١ (فإن قيل) : كيف يجمع بين قوله : (لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ) (الأحقاف : ٣٥) ، وهو الجزء اليسير من الزمان ، وبين الضحى والعشية؟ وكيف حسن الترديد؟
(فالجواب) أن هذا الحساب يختلف باختلاف الناس ، فمنهم من يعتقده طويلا ، ومنهم من يحسبه قصيرا ، قال [الله] (٣) تعالى : (يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً) (طه : ١٠٣) ، ثم قال : (إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً) (طه : ١٠٤). وقد يكون بحسب شدة الأمر وخفته (٤) ، و «لبثتم» يحتمل أن يكون في الدنيا ، ويحتمل أن يكون في البرزخ ؛ والأول أظهر.
(فائدة) وقد يتجوّز بحذف الضمير للعلم به ، كقوله : (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) (الفرقان : ٤١) أي بعثه ، وهو كثير.
ومنه قوله : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ) (البقرة : ٢٣٤) إلى قوله : (يَتَرَبَّصْنَ) إذا جعلناه الخبر ، فالأصل «يتربصن أزواجهن» فوضع الضمير موضع الأزواج لتقدم ذكرهنّ ، فأغنى عن الضمير.
(فائدة) المضمر لا يكون إلا بعد الظاهر لفظا (٥) [أو مرتبة ، أو لفظا ومرتبة ، ولا يكون قبل الظاهر لفظا] (٥) ومرتبة ، إلا في أبواب ضمير الشأن والقصة ، كما سبق ، وباب نعم وبئس ، كقوله تعالى : (فَنِعِمَّا هِيَ) (البقرة : ٢٧١) و (ساءَ مَثَلاً) (الأعراف :
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (ذلك الضحى بتلك العشية).
(٣) لفظ الجلالة ليس في المطبوعة.
(٤) في المخطوطة (وحقيقته).
(٥) ليست في المخطوطة.