(الثامن): بمعنى «إذ» مع الماضي ، كقوله : (بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ) (ق : ٢). (وقيل) : بل المعنى «لأن جاءهم» ، أي من أجله. (قيل) : ومع المضارع ، كقوله : (أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ) (الممتحنة : ١) ، أي إذا آمنتم. والصحيح أنها مصدرية.
وأجاز الزمخشري (١) أن تقع «أن» مثل «ما» في نيابتها عن ظرف الزمان ، وجعل منه قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ) (البقرة : ٢٥٨) ، وقوله : (إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا) (النساء : ٩٢). وردّ بأن استعمالها للتعليل مجمع عليه ، وهو لائق في هاتين الآيتين ، والتقدير «لأن آتاه» و «لئلا يصدقوا» (٢).
٩ ـ إنّ
المكسورة المشدّدة
لها ثلاثة أوجه :
أحدها : للتأكيد ، نحو : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) (الأحزاب : ١).
وللتعليل ، أثبته ابن جني من النحاة ، وكذا أهل البيان ، وسبق بيانه في نوع التعليل من قسم التأكيد (٣).
وبمعنى «نعم» في قوله تعالى : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) (طه : ٦٣) فيمن شدد (٤) النون. قال أبو إسحاق [الزجاج] (٥) : عرضت هذا على محمد بن يزيد (٦) ، وإسماعيل بن إسحاق (٧) ، فرضياه. وقال ابن برهان (٨) : كأنهم أجمعوا بعد التنازع على قذف النبيين
__________________
(١) انظر الكشاف ١ / ١٥٥ ـ ١٥٦ و ٢٩٠.
(٢) في المخطوطة (ولئلا أن يصدقوا).
(٣) انظر القسم الثامن والعشرين من أقسام التوكيد (التعليل) في ٣ / ١٦٥ ، وهو الأسلوب من أساليب القرآن المندرجة تحت النوع السادس والأربعين.
(٤) قرأ ابن كثير وحفص بإسكان النون ، والباقون بالتشديد (التيسير : ١٥١).
(٥) ساقطة من المطبوعة ، وانظر معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٣٦٣.
(٦) هو أبو العباس المبرد.
(٧) تقدم التعريف به في ٢ / ١٢٧.
(٨) هو أحمد بن علي بن برهان تقدم التعريف به في ٢ / ٢٠٨.