لو صدّرت لوقعت مبتدأ ، والمبتدأ معرّض لدخول «إنّ» [٢٩٠ / أ] فيؤدي (١) إلى اجتماعهما.
ولأنها قد تكون بمعنى «لعلّ» كما في قوله تعالى : (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) (الأنعام : ١٠٩) وتلك لها صدر الكلام ، فقصدوا إلى أن تكون هذه مخالفة لتلك في الوضع (٢). (٣) [يقصد من أول الأمر الفرق بينهما أي لعلها] (٣).
١١ ـ إنما
لقصر الصّفة على الموصوف ، أو الموصوف على الصّفة ، وهي للحصر عند جماعة ، كالنفي والاستثناء. وفرّق البيانيون بينهما ، فقالوا : الأصل أن يكون ما يستعمل له «إنما» مما يعلمه المخاطب ولا ينكره ؛ كقولك : إنّما هو أخوك ، وإنما (٤) هو صاحبك القديم ؛ لمن يعلم ذلك ويقرّ (٥) به. وما يستعمل له النفي والاستثناء ، على العكس ، فأصله أن يكون مما يجهله المخاطب وينكره ، نحو : (وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ) (آل عمران : ٦٢).
ثم إنه قد ينزل المعلوم منزلة المجهول لاعتبار (٦) مناسب ، فيستعمل له النفي والاستثناء ، نحو : (وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ ...) (آل عمران : ١٤٤) الآية ، ونحو : (إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا) (إبراهيم : ١٠) والرسل ما كانوا على دفع البشرية عن أنفسهم ، وادعاء الملائكية (٧) ؛ لكن الكفّار كانوا يعتقدون أنّ الله لا يرسل إلا الملائكة ، وجعلوا أنهم (٨) بادعائهم النبوّة ينفون عن أنفسهم البشرية ، فأخرج الكلام مخرج ما يعتقدون ، وأخرج الجواب أيضا مخرج ما قالوا ، حكاية لقولهم ، كما يحكي المجادل كلام خصمه ، ثم يكرّ (٩) عليه بالإبطال ، كأنه قيل : الأمر كما زعمتم أنّنا بشر ، ولكن ليس الأمر كما زعمتم (١٠) من اختصاص الملائكة بالرسالة ، فإن الله يبعث من الملائكة رسلا ومن الناس.
__________________
(١) في المخطوطة (ويؤدي).
(٢) في المخطوطة (الموضع).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.
(٤) في المخطوطة (إنما).
(٥) في المخطوطة (وينويه).
(٦) في المخطوطة (بالاعتبار).
(٧) في المخطوطة (الكبرية).
(٨) في المخطوطة (جعلوهم كأنهم).
(٩) في المخطوطة (يرد).
(١٠) في المخطوطة (اعتقدتم).