الحكم. ومن هنا شرط البيانيون التناسب بين الجمل لتظهر الفائدة ، حتى إنهم منعوا عطف الإنشاء على الخبر وعكسه.
ونقله الصّفّار [في «شرح سيبويه»] (١) عن سيبويه ؛ ألا ترى إلى قوله : يقبح عندهم أن يدخلوا الكلام الواجب في موضع المنفيّ ، فيصيروا قد ضمّوا إلى الأول ما ليس بمعناه. انتهى.
ولهذا منع الناس من «الواو» ؛ في «بسم الله الرحمن الرحيم وصلّى الله على [سيدنا] (٢) محمد» ، لأن الأولى خبرية والثانية طلبية ، وجوّزه ابن الطّراوة (٣) ؛ لأنهما يجتمعان في التبرّك.
وخالفهم كثير من النحويين ، [٢٦٨ / أ] كابن خروف (٤) والصفّار وابن عمرو (٥) ، وقالوا : يعطف الأمر على الخبر ، والنهي على الأمر والخبر ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (المائدة : ٦٧) ، فعطف خبرا على جملة شرط ، وجملة الشرط على الأمر.
وقال تعالى : (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (يونس : ٧٢). (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يونس : ١٠٥) ، فعطف نهيا على خبر. ومثله : (يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ) (هود : ٤٢).
قالوا : وتعطف الجملة على الجملة ، ولا اشتراك بينهما ، كما قال تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (آل عمران : ٧) ، على قولنا بالوقف على «الله» وأنه سبحانه اختصّ به. وقال : (وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (النور : ٤) فإنّه علّة تامة بخبرها ، فلا يوجب العطف المشاركة فيما تتمّ به الجملتان الأوليان ، وهو الشرط الذي تضمّنه قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا) (النور : ٤) ، كقولك : إن دخلت الدار
__________________
(١) ليست في المخطوطة ، والصفار هو القاسم بن علي البطليوسي الصفار تقدم التعريف به في ٢ / ٤٥١ ، والتعريف بكتابه في ٢ / ٤٨٧.
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) هو سليمان بن محمد بن عبد الله المالقي تقدم التعريف به ٢ / ٤٣٢.
(٤) هو علي بن محمد بن علي بن محمد بن خروف تقدم التعريف به في ٢ / ٤٩٧.
(٥) كذا في الأصول ، ولعله «ابن عمرون» محمد بن محمد بن أبي علي بن عمرون تقدم التعريف به في ٣ / ٢٢.